وكأن المعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حث على صدقة التطوع فراجعه الرجل فيما عنده، فبين له أن الإنفاق في هذه الجهات أهم فإنها واجبة؛ وإنما يندب إلى الصدقة التطوع بعد أداء الواجبات، ثم قال أبو سليمان الخطابي: إذا تأملت الترتيب المذكور علمت أنه - صلى الله عليه وسلم - قدم الأولى فالأولى، فأمره أن يبدأ بنفسه ثم بولده؛ لأنه بعضه ولو ضيعه لم يجد من ينوب عنه في الإنفاق، وأخر الزوجة لأنه إذا لم يجد ما ينفقه عليها يفرق بينهما وكان لها من يمونها من زوج ومحرم ثم ذكر الخادم الذي يباع عند الإعسار فينفق عليه من يبتاعه، قال: وقياس هذا أن يقدم في صدقة الفطر الولد على الزوجة، والمعنى فيه أن نفقة الولد تجب بحق النسب، ونفقة الزوجة بحق النكاح، والنكاح قد ينقطع بالطلاق والنسب لا ينقطع.
وقول أبي هريرة "تقول زوجتك: أنفق علي أو طلقني" ذكر الشافعي أن فيه إشارة إلى أن لها أن تطلب التفريق بتعذر النفقة، ولا يمكن من إمساكها بلا نفقة كما لا يمكن من إمساك الخادم بلا نفقة.
[1270] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن أبي الزناد قال: سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته؟
قال: يفرق بينهما.
قال أبو الزناد: قلت: سنة؟
قال سعيد: سنة.
قال الشافعي: والذي يشبه قول سعيد: "سنة" أن تكون سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?).