أَوْ بَعْدَهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ مُخَيَّرٌ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ جَازَ سَوَاءٌ دَخَلَ أَمْ لَا، وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ بِحِدْثَانِ الدُّخُولِ فَذَلِكَ لَهُ. وَأَمَّا إنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا مَعَهُ وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَمْضَيْته إنْ كَانَ صَوَابًا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ التَّبَّانِ وَهُوَ ابْنُ سَعْدُونٍ الْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ قَبْلَ الدُّخُولِ انْتَهَى.

(ص) وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ (ش) أَيْ وَصَحَّ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَبِالْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ كَعَمٍّ مَعَ أَخٍ أَوْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقٍ وَالصِّحَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ تَقَدُّمَ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى لَا مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَإِلَّا لَفُسِخَ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ فَقَالَ (وَلَمْ يَجُزْ) أَيْ ابْتِدَاءً بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَانْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنْ إمْضَاءَهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ لِلْخِلَافِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ وَالْأَوْلَى رُجُوعُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ لِلْجَمِيعِ أَيْ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا وَمَا بَعْدَهُ (ص) كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْوَلِيَّيْنِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ كَالْمُعْتِقَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ حُكْمُ الْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ فَيَصِحُّ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا مَعَ وُجُودِ الْآخَرِ وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ مَعًا كَذَا ذَكَرَهُ الرَّضِيُّ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ غَيْرَ الْمُعْتِقَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَضَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ لَا فِي عَدَمِ الْجَوَازِ أَيْضًا إذْ هُوَ جَائِزٌ ابْتِدَاءً.

وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الْمُجْبِرِ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ وَلِيَّتِهِ ذَكَرَ مَا يَكُونُ إذْنًا مِنْهَا مُقَسِّمًا لَهَا إلَى بِكْرٍ وَثَيِّبٍ فَقَالَ (ص) وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ يَكْفِي فِي إذْنِهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ صَمْتُهَا وَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُهُنَّ مِنْ الِامْتِنَاعِ مِنْ النُّطْقِ وَلِمَا يَلْحَقُهَا بِهِ مِنْ الْحَيَاءِ وَلِئَلَّا تُنْسَبَ فِي ذَلِكَ إلَى الْمَيْلِ لِلرِّجَالِ وَهَذَا فِي الْبِكْرِ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَهَذَا يَصْدُقُ بِمَا إذَا مَاتَ أَبُوهَا أَوْ فُقِدَ أَوْ أُسِرَ أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَكَمَا يُكْتَفَى بِصَمْتِهَا فِي رِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ يُكْتَفَى بِهِ فِي تَفْوِيضِهَا لِوَلِيِّهَا فِي تَوَلِّي عَقْدِ نِكَاحِهَا أَيْ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَتَفْوِيضِهَا) إذْ لَا يَعْقِدُ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْمُجْبِرِ إلَّا بِتَفْوِيضٍ مِنْهَا لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَقَوْلُهُ كَتَفْوِيضِهَا أَيْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ فِيمَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ كَانَ صَوَابًا) . وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ صَوَابًا فَلَهُ رَدُّهُ.

(تَنْبِيهٌ) : يُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الشَّرِيفَةِ صَحِيحٌ قَطْعًا لِلتَّخْيِيرِ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ، وَلَوْ كَانَ فَاسِدَ التَّحَتُّمِ الْفَسْخُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ إنْ دَخَلَ وَطَالَ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَيَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ مَعَ عَدَمِ الدُّخُولِ أَوْ عَدَمَ الطَّوْلِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ بَاطِلٍ فَكَانَ يَحْتَاجُ لِلْجَوَابِ بِأَنَّهُ ذَكَرَ مَفْهُومَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ التَّبَّانِ) أَيْ فَابْنُ التَّبَّانِ قَائِلٌ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِالْقُرْبِ فَلِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ، وَإِنْ طَالَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ إلَّا الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْبِنَاءِ فَلَهُ أَيْضًا فَسْخُهُ وَإِجَازَتُهُ، وَإِنْ طَالَ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ.

(قَوْلُهُ وَبِأَبْعَدَ إلَخْ) وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ بِمَعْنَى مِنْ نَحْوُ شَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلتَّعْدِيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ بِإِنْكَاحٍ أَبْعَدَ، فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَفْسُقُ بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ إمْضَاؤُهُ بِوَصْفِ كَوْنِهِ أَبْعَدَ قُلْنَا لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَائِلٌ بِالْجَوَازِ وَالْمُرَادُ بِالْأَبْعَدِ الْمُؤَخَّرِ عَنْ الْآخَرِ فِي الرُّتْبَةِ وَبِالْأَقْرَبِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهِ فِي الرُّتْبَةِ فَيَشْمَلُ تَزْوِيجَ الْأَخِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَفُسِخَ) أَيْ لَوْ قُلْنَا مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ لَتَحَتَّمَ الْفَسْخُ وَقَوْلُهُ وَلَمَّا إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الصِّحَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُهُ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ أَيْ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ أَيْ يَقَعُ فِي الْوَهْمِ بِرُجْحَانِ الْجَوَازِ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْجَوَازِ مُرَاعَاةً لِلثَّانِي وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَانْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْخِلَافِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُطْلَقَةٌ دَخَلَ أَمْ لَا وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ الصِّحَّةَ مَعَ الدُّخُولِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَيُلْمَحُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ وَلَمَّا أَفَادَ الصِّحَّةَ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهَا الْجَوَازُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَبَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجُزْ هَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ التَّحْرِيمِ وَجُلُّ شُيُوخِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَمَبْنَاهُمَا هَلْ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْ بَابِ الْأَوْجَبِ أَوْ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ مَعًا) بِأَنْ يُجْعَلَ مِثَالًا لِمَحْذُوفٍ كَالْمُتَسَاوِيَيْنِ كَأَحَدِ الْعَمَّيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ إلَخْ وَيَشْمَلُ أَبَوَيْ مَنْ أَلْحَقَتْهَا الْقَافَّةُ بِأَبَوَيْنِ إذَا لَمْ يَكُونَا مُجْبَرَيْنِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ أَجَازَهُ الْآخَرُ كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْمُجْبِرَيْنِ وَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُهَا لِلتَّشْبِيهِ وَيَلْحَقُ بِالْمُعْتَقَيْنِ غَيْرُهُمَا مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ إنَّ الْمُرْتَضَى إلَخْ) أَيْ وَحِلُّهُ الْأَوَّلُ نَاظِرٌ فِيهِ لِلظَّاهِرِ الْمُتَبَادِرِ.

(قَوْلُهُ رِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ) فِيهَا قَلْبٌ وَالْأَصْلُ وَصَمْتُ الْبِكْرِ رِضًا حَيْثُ يَفْتَقِرُ الْعَقْدُ لِإِذْنِهَا وُجُوبًا فِي الَّتِي لَا تُجْبَرُ وَنَدْبًا فِي الَّتِي تُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَصَرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ عَضَلَهَا أَبُوهَا (قَوْلُهُ أَيْ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً) هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الثَّيِّبِ. وَأَمَّا الْبِكْرُ فَيَكْفِي صَمْتُهَا فِي التَّفْوِيضِ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ مِنْ إنْكَارِ ذَلِكَ وَقَالَ هُوَ حَقٌّ لَهُ قَدْ اسْتَخْلَفَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَالْوَلِيُّ أَحَقُّ بِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ بِكْرًا كَانَتْ إلَخْ) أَيْ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْبِكْرِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمَخْطُوبَةِ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَهُوَ اسْتِخْدَامٌ وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى وَتُعِيدَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنًى آخَرَ، وَلَوْ مَجَازًا وَشِبْهُ الِاسْتِخْدَامِ وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى وَتُعِيدَهُ بِاسْمِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015