شُرُوعٌ مِنْهُ عَلَى الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ وِلَايَةَ الْإِسْلَامِ عَامَّةٌ لَا تَخْتَصُّ بِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ فِيهَا مَدْخَلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] كَانَتْ الْمَرْأَةُ شَرِيفَةً أَوْ دَنِيئَةً فَلَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فِي امْرَأَةٍ دَنِيئَةٍ كَمُعْتَقَةٍ وَمُسْلِمَانِيَّةٍ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبِرٍ فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّ بِهَا) أَيْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَيْ بِسَبَبِهَا (فِي دَنِيئَةٍ) أَيْ فِي عَقْدِ نِكَاحِ امْرَأَةٍ دَنِيئَةٍ (مَعَ خَاصٍّ) أَيْ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ خَاصٍّ ذِي نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ أَوْ وِلَايَةٍ (لَمْ يُجْبَرْ) وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَيْهَا الْفَتْوَى وَالْعَمَلُ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا لَكِنْ إنْ حَصَلَ دُخُولٌ عُزِّرَ الزَّوْجَانِ فَلَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ وَهُوَ مُجْبِرٌ كَالْأَبِ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ وَالْوَصِيِّ فِي الْبِكْرِ عَلَى مَا مَرَّ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ أَبَدًا، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبَرُ.
(ص) كَشَرِيفَةٍ إنْ دَخَلَ وَطَالَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الشَّرِيفَةَ أَيْ صَاحِبَةَ الْقَدْرِ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ وَالنَّسَبِ إذَا عُقِدَ نِكَاحُهَا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصِّ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبِرٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَطَالَ مُكْثُهَا مَعَهُ كَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ فَإِنَّ نِكَاحَهَا لَا يُفْسَخُ حِينَئِذٍ فَالْوَلَدُ الْوَاحِدُ وَالْوَلَدَانِ وَالسَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ لَا يَكُونَانِ طُولًا وَلِلْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ حِينَئِذٍ رَدُّ النِّكَاحِ وَإِجَازَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَلَكِنْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً لَهُ رَدُّهُ وَإِجَازَتُهُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ وَلِيُّهَا غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً فَإِنَّهُ يُكْتَبُ إلَيْهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيُوقَفُ الزَّوْجُ عَنْهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ قَرُبَ فَلِلْأَقْرَبِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الرَّدُّ) أَيْ، وَإِنْ قَرُبَ زَمَنُ الِاطِّلَاعِ عَلَى نِكَاحِ الشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصِّ مِنْ وَقْتِ عَقْدِهِ دَخَلَ أَمْ لَا فَلِلْأَقْرَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الْأَقْرَبُ أَيْ وَبَعُدَتْ غَيْبَتُهُ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الرَّدُّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَ فَالرَّدُّ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ قَبْلَهُ.
(ص) وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي لَوْ عُقِدَ عَلَى الشَّرِيفَةِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرِ الْمُجْبَرِ وَطَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ أَوْ لَا يَتَحَتَّمُ وَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بَيْنَ عَدَمِ الطُّولِ قَبْلَ الْبِنَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا الزَّوْجُ فَيَتَوَلَّى حِينَئِذٍ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي ابْنِ الْعَمِّ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيِّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْوِلَايَةُ بِالْفَتْحِ فِي الْقَرَابَةِ وَالْعِتْقِ وَبِالْكَسْرِ فِي الْإِمَارَةِ اهـ (قَوْلُهُ كَمُعْتَقَةٍ وَمُسْلِمَانِيَّةٍ) أَيْ وَسَوْدَاءَ حَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ عج أَنَّ الْمُعْتَقَةَ والمسلمانية وَالسَّوْدَاءَ دَنِيئَةٌ مُطْلَقًا وَأَنَّ غَيْرَهَا شَرِيفَةٌ بِاعْتِبَارِ اتِّصَافِهَا بِحَسَبٍ أَوْ مَالٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ حَالٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ وَصْفٌ يَحِلُّ بِالشَّرَفِ كَسُؤَالِ الْجَمِيلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْحَسَبِ مَفَاخِرُ الْآبَاءِ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ طِيبَ النَّسَبِ وَالْمُرَادُ بِالسَّوْدَاءِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ قَوْمٌ مِنْ الْقِبْط يَقْدَمُونَ مِنْ مِصْرَ إلَى الْمَدِينَةِ وَهُمْ سُودٌ اهـ أَيْ لَا كُلُّ سَوْدَاءَ (قَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ) وَهِيَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً) وَفِي شَرْحِ شب الْمَشْهُورُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ) أَيْ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا الْفَتْوَى) وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ مِنْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوِلَايَةٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ حَصَلَ دُخُولٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ دُخُولٌ لَا تَعْزِيرَ مَعَ أَنَّهُمَا ارْتَكَبَا مُحَرَّمًا وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّعْزِيرِ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُقْتَضٍ لِلْحُرْمَةِ.
(قَوْلُهُ كَشَرِيفَةٍ إنْ دَخَلَ وَطَالَ) لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَوَابًا وَإِلَّا فَلَهُ فَسْخُهُ، وَلَوْ طَالَ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ مَالِكٍ قَالَ الْبَدْرُ قَوْلُهُ كَشَرِيفَةٍ أَيْ وَيُعَاقَبُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالشُّهُودُ وَلَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْقَدْرِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالْجَاهِ إلَخْ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ كَالسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ) الْمُرَادُ بِهَا الثَّلَاثَةُ السِّنِينَ فَأَكْثَرَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِقَوْلِهِ سِنِينَ ثُمَّ قَوْلُهُ فَأَكْثَرْيُنَا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ إنَّ أَلْ أَبْطَلَتْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ فَنَقُولُ الْكَثْرَةُ مُتَحَقِّقَةٌ بِوَاحِدَةٍ عَلَى وَاحِدَةٍ مَعَ أَنَّ السَّنَتَيْنِ لَا يَكْفِيَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يَنْظُرْ لِكَوْنِ أَلْ أَبْطَلَتْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى اثْنَتَيْنِ فَحِينَئِذٍ تَتَحَقَّقُ الْكَثْرَةُ بِثَلَاثٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَرَادَ بِذَلِكَ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَالْوَلَدُ الْوَاحِدُ) وَالتَّوْأَمَانِ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً) أَيْ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ إلَيْهِ) فَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ فَأَمْضَى النِّكَاحَ أَوْ رَدَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ لَا عَلَاقَةَ لِي أَوْ لَا أَتَكَلَّمُ فِي هَذِهِ بِرَدٍّ وَلَا إمْضَاءٍ فَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِلْحَاكِمِ دُونَ الْأَبْعَدِ (قُلْت) وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَا عَلَاقَةَ لِي فَقَدْ صَارَ كَالْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ، فَإِنْ سَكَتَ فَنُصِحَ بِحُضُورِهِ لَهُ فَهُوَ إقْرَارٌ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ كَلَامٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَعَقَدَ شَخْصٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ فَلِلْحَاكِمِ أَيْضًا الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ ضَامِنٌ (قَوْلُهُ أَيْ، وَإِنْ قَرُبَ زَمَنُ الِاطِّلَاعِ) أَيْ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ) أَيْ أَطَالَ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالِاطِّلَاعِ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ ك وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ التَّأْوِيلَيْنِ، وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَلْتَذَّ مِنْهَا بِشَيْءٍ فَتُعَاضُ بِقَدْرِهِ وَانْظُرْ هَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّأْوِيلُ بِالتَّخْيِيرِ وَلَا يَظْهَرُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا فَرْقَ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ دَلِيلٌ لِلتَّخْيِيرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ عَدَمِ الطَّوْلِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ الْوَاضِحِ فِيهِ التَّأْوِيلُ فَمَنْ يَقُولُ بِتَحَتُّمِ الْفَسْخِ يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ إنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ وَمَنْ يَقُولُ بِالتَّخْيِيرِ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَهُ