الْأَوَّلِ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ أَيْ: أَوَانَ فَكَّ أَسِيرًا، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى اشْتَرَطَهُ وَقَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ: وَالْعِتْقُ وَالْفَكُّ مَاضٍ فِيهِمَا

(ص) وَمَدِينٌ وَلَوْ مَاتَ يُحْبَسُ فِيهِ (ش) هَذَا هُوَ الصِّنْفُ السَّادِسُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: 60] وَالْمُرَادُ بِالْمَدِينِ هُنَا الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ الَّذِينَ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ فِي الْفَلَسِ فَخَرَجَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَدِينِ بَيْنَ كَوْنِهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَيَأْخُذُ مِنْهَا السُّلْطَانُ لِيَقْضِيَ بِهَا دَيْنَ الْمَيِّتِ، بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: دَيْنُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ دَيْنِ الْحَيِّ فِي أَخْذِهِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْمَدِينِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ مِمَّا يُحْبَسُ فِيهِ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُحْبَسُ فِيهِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا؛ لِوَفَاءِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّينَ

(ص) لَا فِي فَسَادٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: قَدْ اسْتَدَانَهُ وَوَضَعَهُ فِي مَصَالِحِهِ لَا فِي فَسَادٍ: كَزِنًا وَخَمْرٍ وَقِمَارٍ وَغَصْبٍ فَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ

(ص) وَلَا لِأَخْذِهَا (ش) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَلَا إنْ اسْتَدَانَ لِأَخْذِهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَدَايَنَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ فَاتَّسَعَ فِي الْإِنْفَاقِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ فَلَا يُعْطَى، وَأَمَّا إذَا اسْتَدَانَ لِلضَّرُورَةِ نَاوِيًا أَدَاءَ ذَلِكَ مِنْ الزَّكَاةِ فَلَا مَنْعَ وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَتُوبَ عَلَى الْأَحْسَنِ) رَجَّعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ: لَا فِي فَسَادٍ

(ص) إنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ لَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ لِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا مَعَهُ مِنْ الْعَيْنِ لِلْغُرَمَاءِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَبِيَدِهِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْعِشْرِينَ الَّتِي بِيَدِهِ لِلْغُرَمَاءِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ عِشْرُونَ فَحِينَئِذٍ يُعْطَى وَيَكُونُ مِنْ الْغَارِمِينَ

(ص) وَفَضَلَ غَيْرُهَا (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْعَيْنِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمِدْيَانَ لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ دَفْعِ الْفَاضِلِ مِمَّا بِيَدِهِ غَيْرَ الْعَيْنِ لِلْغُرَمَاءِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا وَيُنَاسِبُهُ دَارٌ بِثَلَاثِينَ فَإِنَّ تِلْكَ الدَّارَ تُبَاعُ عَلَيْهِ وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ وَيَدْفَعُ الْفَاضِلَ: وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا لِلْغُرَمَاءِ ثُمَّ يُوَفِّي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْفَاضِلُ يُسَاوِي مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِلْغُرَمَاءِ وَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إذْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَصِيرُ فَقِيرًا لَا غَارِمًا

(ص) وَمُجَاهِدٌ وَآلَتُهُ وَلَوْ غَنِيًّا (ش) هَذَا هُوَ الصِّنْفُ السَّابِعُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَطْلَقَ، أَوْ قَالَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِيهِمَا، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَرَطَ وَلَاءَهُ لَهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيُجْزِئُهُ (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ إنْ فَكَّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِتْيَانَ بِأَوْ يُبْعِدُ جَعْلَهُ مُسْتَأْنَفًا وَجَعْلَ أَوْ إنْ مُبَالَغَةً، بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ " وَإِنْ أَيْ " شَرْطِيَّةٌ، وَقَوْلَهُ أَوْ فَكَّ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ فَكَّ أَسِيرًا أَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا لِمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ بِثَمَنٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّةِ الْأَسِيرِ، أَوْ اشْتَرَى نَفْسَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ لَأَجْزَأَ فَالْمُرَادُ: فَكُّ أَسِيرٍ مِنْ الْعَدُوِّ بِالزَّكَاةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَكَّ لِغَيْرِهِ وَبِهِ قَرَّرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَأَمَّا فَكُّهُ بِزَكَاةِ نَفْسِهِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ.

(قَوْلُهُ: يُحْبَسُ فِيهِ) أَيْ: شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ فِيهِ فَدَخَلَ دَيْنُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ فَيَدْفَعُ الزَّكَاةَ لِلْوَالِدِ يَقْضِي بِهَا دَيْنَ ابْنِهِ وَفِي الْفِيشِيِّ عَلَى الْعِزِّيَّةِ لَا يُعْطَى وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَدَخَلَ أَيْضًا: الدَّيْنُ عَلَى الْمُعْدِمِ فَإِنَّ شَأْنَ كُلِّ الْحَبْسِ فِيهِ وَعَرَضَ عَلَى الْحَبْسِ عَارِضُ الْأُبُوَّةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْعُدْمِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ دَيْنُ الْمَيِّتِ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ كِفَايَتُهُ إلَّا أَنَّهُ اسْتَدَانَ زِيَادَةً عَلَى مَا بِهِ الْحَاجَةُ فَالزَّائِدُ لَا يُعْطَى لِأَجْلِ قَضَائِهِ، وَكَذَا لَا يُعْطَى مِنْهَا مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مِثْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَتُوبَ أَوْ يُخَافَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِضَرُورَةٍ نَاوِيًا إلَخْ) فِي ك، وَوَجْهُ ذَلِكَ بَيِّنٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَوَّلَ غَنِيٌّ وَاحْتَالَ لِيَكُونَ مِدْيَانًا فَهَذَا قَصْدٌ ذَمِيمٌ فَيُعَامَلُ بِنَقِيضِهِ، وَالثَّانِي مَقْصِدُهُ صَحِيحٌ فَيُوَفَّى لَهُ بِقَصْدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْأَصْلِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَيَضُرُّ بِهِ أَكْلُ اللَّحْمِ الْخَشِنِ أَنَّهُ إذَا اسْتَدَانَ لِأَكْلِ الضَّأْنِ لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي يَصْلُحُ بِهِ لَا غَيْرُهُ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: رَجَّعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَانْظُرْ هَلْ يُجْزِئُ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ يُقَالُ التَّدَايُنُ لِأَخْذِهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّوْبَةِ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَمَنْ تَدَايَنَ لِأَجْلِ أَخْذِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يُعْطَى بِحَالٍ كَذَا فِي عب (أَقُولُ) : وَالظَّاهِرُ الْجَرَيَانُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْمُحَرَّمِ وَمَنْدُوبَةٌ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ لَمْ أَرَهُ مُصَرَّحًا وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت فِيمَا نُقِلَ عَنْ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ يُمْكِنُ رُجُوحُهُ لِلثَّانِيَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَدَايَنَ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ كَانَ سَفِيهًا وَالسَّفَهُ حَرَامٌ اهـ.

(إنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ لَيْسَ إعْطَاءُ الْعَيْنِ وَفَضْلُ غَيْرِهَا بِالْفِعْلِ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا بَلْ يَكْفِي أَنْ يُقَدَّرَ إنْ لَوْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَفَضَلَ غَيْرُهَا مِنْ دَارٍ وَنَحْوِهِ يُوَفِّي مَا عَلَيْهِ فَلَا يُعْطَى إلَّا مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ فَيُعْطَى تَمَامَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ) فِي عب وَيَكْفِي الِاسْتِبْدَالُ بِمَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ، وَكَذَا الْمَرْكُوبُ وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَكَذَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ: وَيَكْفِيهِ دَارٌ إلَخْ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْكِفَايَةِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْمُنَاسَبَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا قَالَهُ شَارِحُنَا وَفِي شَرْحِ شب، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدِينَ يُعْطَى مِنْهَا وَلَوْ كَانَ هَاشِمِيًّا إذْ لَا مَذَلَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ مَذَلَّةَ الدَّيْنِ أَعْظَمُ مِنْ مَذَلَّةِ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ فِي دَيْنِهِ وَنُظِرَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَمِنْ الْمَدِينِ الْمُصَادَرُ مِنْ ظَالِمٍ إنْ فَكَّهُ مِنْهُ شَخْصٌ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُصَادَرِ بِالْفَتْحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015