زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ وَالْأُولَى إذَا اقْتَضَى خَمْسَةً (ش) هَذَا تَوْضِيحٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ بَعْدَ حَوْلٍ مَضَى مِنْ يَوْمِ زَكَّى دَيْنَهُ، أَوْ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ وَأَنْفَقَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً وَأَنْفَقَهَا بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهَا وَأَوْلَى لَوْ أَبْقَاهَا ثُمَّ اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ عَشَرَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْعِشْرِينَ أَيْ الْعَشَرَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا وَحَالَ حَوْلُهَا وَالْعَشَرَةَ الَّتِي اسْتَفَادَهَا وَحَالَ حَوْلُهَا لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمِلْكِ حَوْلًا كَامِلًا وَلَا يُزَكِّي الْخَمْسَةَ الْأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ أَنْفَقَهَا قَبْلَ حُصُولِ الْفَائِدَةِ أَوْ قَبْلَ حَوْلِهَا لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ مِنْ الِاقْتِضَاءَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَلِذَا لَوْ اقْتَضَى خَمْسَةً أُخْرَى زَكَّى الْخَمْسَةَ الْأُولَى الْمُنْفَقَةَ قَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ لِتَمَامِ النِّصَابِ بِالِاقْتِضَاءَاتِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ حَوْلَ الْمُتَمِّ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّمَامِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ إنْفَاقِهَا قَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ وَإِلَّا لَوْ بَقِيَتْ إلَى تَمَامِ حَوْلِهَا ضُمَّتْ، وَرُبَّمَا يُرْشِدُ لِلتَّقَيُّدِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ قَبْلُ: أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الدُّيُونِ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ قِسْمَيْ زَكَاةِ الْعُرُوضِ وَهُوَ الْمُحْتَكَرُ يُقَاسُ بِزَكَاةِ الدَّيْنِ كَمَا يَأْتِي وَإِلَى أَقْسَامِ الْعَرَضِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ.
(ص) وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرَضٌ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ (ش) هَذَا هُوَ الْمَحْصُورُ وَالْمَحْصُورُ فِيهِ قَوْلُهُ: فَكَالدَّيْنِ إنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ أَيْ إنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ لَيْسَ فِي عَيْنِهِ زَكَاةٌ كَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ وَمَا دُونَ النِّصَابِ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ كَالدَّيْنِ أَيْ يُزَكَّى لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ إنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ هُنَا مَا قَابَلَ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ فَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ أَيْ ثَمَنُ عَرْضٍ، أَوْ عِوَضُ عَرْضٍ وَهُوَ قِيمَتُهُ فِي الْمُدِيرِ حَيْثُ قُوِّمَ وَثَمَنُهُ حَيْثُ بِيعَ كَالْمُحْتَكَرِ. (ص) مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ (ش) هَذَا مِنْ الشُّرُوطِ أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَرْضِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ عَلَيْهِ فَمَا مُلِكَ بِإِرْثٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ وُجُوهِ الْفَوَائِدِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَلَوْ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ حِينَ الْمِلْكِ حَتَّى يَبِيعَهُ وَيَسْتَقْبِلَ بِثَمَنِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فِرَارًا كَمَا مَرَّ. (ص) بِنِيَّةِ تَجْرٍ، أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ، أَوْ قِنْيَةٍ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْمُرَجَّحُ (ش) هَذَا مِنْ الشُّرُوطِ أَيْضًا أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ نَوَى التِّجَارَةَ بِهَذَا الْعَرْضِ الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ مَلَكَهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ نَوَى بِهِ الْقِنْيَةَ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا غَيْرَ الْقِنْيَةِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَذَا الْعَرْضِ إذَا نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ وَالْغَلَّةَ مَعًا كَمَا إذَا نَوَى عِنْدَ شِرَائِهِ أَنْ يَكْرِيَهُ، وَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي هَذَا الْعَرْضِ إذَا نَوَى بِهِ عِنْدَ الْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهِ التَّجْرَ وَالْقِنْيَةَ مَعًا كَنِيَّةِ الِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهِ مِنْ وَطْءٍ أَوْ خِدْمَةٍ وَهَذَا هُوَ الْقِنْيَةُ وَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ وَهَذَا هُوَ التِّجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ نَوْعٌ مِنْ التِّجَارَةِ عَلَى اخْتِيَارٍ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ فِيهِمَا وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فِي الثَّانِيَةِ وَيُحْتَمَلُ فِي الْأُولَى أَيْضًا لِأَحْرَوِيَّتِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُؤَثِّرْ مُصَاحَبَةُ نِيَّةِ الْقِنْيَةِ فِي نِيَّةِ التِّجَارَةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا تُؤَثِّرَ نِيَّةُ الْغَلَّةِ فِي نِيَّةِ التِّجَارَةِ.
(ص) لَا بِلَا نِيَّةٍ، أَوْ نِيَّةِ قِنْيَةٍ أَوْ غَلَّةٍ، أَوْ هُمَا (ش) لَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرُ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهُ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ وَنِيَّةٍ مَجْرُورٌ بِإِضَافَةٍ لَا إلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَلَكَ هَذَا الْعَرْضَ بِلَا نِيَّةٍ لِشَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ وَإِلَّا زَكَّى خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اقْتِضَاءِ خَمْسَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الْفَائِدَةَ خَلِيطٌ لِعَشْرِ الِاقْتِضَاءِ وَعَشَرَةُ الِاقْتِضَاءِ خَلِيطٌ لِخَمْسَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا لِأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْمَدِينِ وَلَا خُلْطَةَ بَيْنَ عَشَرَةِ الْفَائِدَةِ وَخَمْسَةِ الِاقْتِضَاءِ لِأَنَّهَا أُنْفِقَتْ قَبْلَ حَوْلِهَا. (قَوْلُهُ وَالْأُولَى إذَا اقْتَضَى خَمْسَةً) أَيْ أَنَّهُ يُزَكِّي الْأُولَى وَالْآخِرَةَ فَقَطْ إذَا كَانَ زَكَّى الْعِشْرِينَ قَبْلَ اقْتِضَاءِ الْأَخِيرَةِ وَإِلَّا زَكَّى الْجَمِيعَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ
(قَوْلُهُ: وَالْمَحْصُورُ فِيهِ قَوْلُهُ: فَكَالدَّيْنِ) سَيَأْتِي أَنَّهُ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ فَلَا يَكُونُ الْمَحْصُورُ فِيهِ قَوْلُهُ: فَكَالدَّيْنِ بَلْ الْمَحْصُورُ فِيهِ الشُّرُوطُ (قَوْلُهُ: وَمَا دُونَ النِّصَابِ إلَخْ) فَخَرَجَ مَا فِي عَيْنِهِ زَكَاةٌ كَمَاشِيَةٍ وَحَرْثٍ وَحَلْيٍ يُزَكَّى إنْ بَلَغَ كُلٌّ نِصَابًا فَلَا يُقَوَّمُ، وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ مُدِيرًا سَوَاءٌ جَاءَ وَقْتُ التَّقْوِيمِ قَبْلَ حَوْلِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَ تَزْكِيَةِ عَيْنِهِ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ جَرَيَانِ الزَّكَاةِ فِيهِ زَكَّاهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الشُّرُوطِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ: الْآتِي مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ ثَمَنُ عَرْضٍ إلَخْ) أَيْ يُقَدَّرُ ثَمَنٌ إنْ فُرِضَ الْكَلَامُ فِي خُصُوصِ الْمُحْتَكَرِ، أَوْ يُقَدَّرُ قِيمَةٌ إنْ أُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إنْ رُصِدَ. . . إلَخْ يَقْصِرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: فِيمَا سَيَأْتِي وَبِيعَ بِعَيْنٍ يُفِيدُ عَدَمَ تَقْدِيرِ شَيْءٍ. (قَوْلُهُ: مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ) وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُعَاوَضَةِ أَنْ تَكُونَ مَالِيَّةً فَلَا زَكَاةَ فِيمَا أُخِذَ مِنْ خُلْعٍ أَوْ صَدَاقٍ، بَلْ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِمُعَاوَضَةٍ لِلسَّبَبِيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ حِلُّ شَارِحِنَا وَقَوْلُهُ: بِمُعَاوَضَةٍ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَأَمَّا مُلِكَ فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَا يُزَكَّى لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ مَا يُزَكَّى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَهُ فِرَارًا) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ، وَلَوْ أَخَّرَهُ فِرَارًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ نَوْعُ. . . إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ إلَّا عِنْدَ ذِكْرِ اجْتِمَاعِ التِّجَارَةِ وَالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ فِي الْأُولَى أَيْضًا) عَنْ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ يَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِالتَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ نَصًّا، أَوْ قِيَاسًا أَيْ بِالنَّصِّ، أَوْ بِالْقِيَاسِ الْأَحْرَوِيَّةَ (قَوْلُهُ: أَوْ هُمَا) وَأَصْلُهُ أَوْ نِيَّتُهُمَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْفَصَلَ الضَّمِيرُ حِينَئِذٍ فَهُوَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ لَا الْأَصَالَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ نِيَّةَ مَجْرُورٍ بِالْبَاءِ فَيُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَنِيَّةٌ مَجْرُورٌ. . . إلَخْ