وَاخْتَلَفَ قَدْرُهَا أَوْ عَلِمَ قَدْرَ مَا اقْتَضَى فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فَحُكْمُ مَا عَلِمَ وَقْتَهُ، أَوْ عَلِمَ قَدْرَ مَا اقْتَضَى فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا عَلِمَ وَقْتَهُ وَجَهِلَ قَدْرَ مَا اقْتَضَى فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ أَكْثَرُهَا لِأَوَّلِهَا وَمَا دُونَهُ لِثَانِيهَا وَمَا دُونَ ثَانِيهَا لِثَالِثِهَا وَهَكَذَا فَمَنْ اقْتَضَى فِي الْمُحَرَّمِ وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَفِي جُمَادَى الثَّانِيَةِ وَاخْتَلَفَ قَدْرُ مَا اقْتَضَى كَأَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا عِشْرِينَ وَبَعْضُهَا عَشَرَةً وَبَعْضُهَا خَمْسَةً فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْعِشْرِينَ لِأَوَّلِهَا وَالْعَشَرَةَ لِثَانِيهَا وَالْخَمْسَةَ لِثَالِثِهَا إذْ فِي تَقْدِيمِ الْأَكْثَرِ مُرَاعَاةُ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُقْتَضَى فِي الزَّمَنِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ فِيهِ عَدَمُ مُرَاعَاةِ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ اقْتِضَائِهِ فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ اقْتَضَى فِي زَمَانِهِ أَمْ لَا وَاخْتَصَّ الْأَكْثَرُ بِمُرَاعَاةِ جَانِبِ الْفُقَرَاءِ دُونَ الْأَقَلِّ فَلِذَا قُدِّمَ عَلَى الْأَقَلِّ فَتَأَمَّلْهُ وَقَدْ يُقَالُ: يُزَكِّي الْجَمِيعَ لِأَوَّلِ الِاقْتِضَاءَاتِ كَمَا إذَا جَهِلَ وَقْتَهَا وَعَلِمَ قَدْرَهَا وَإِذَا الْتَبَسَتْ أَوْقَاتُ الْفَوَائِدِ أَيْ نَسِيَهَا مَا عَدَا وَقْتَ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَجْعَلُ وَقْتَ الْأَخِيرَةِ لِلْجَمِيعِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ قَدْرَ كُلِّ فَائِدَةٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَوْقَاتَ الْفَوَائِدِ وَجَهِلَ قَدْرَ مَا حَصَلَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْهَا فَانْظُرْ هَلْ يُقَدِّمُ الْأَقَلَّ لِلْأَوَّلِ، أَوْ يُزَكِّي الْجَمِيعَ لِحَوْلِ الْأَخِيرَةِ.
فَقَوْلُهُ: (عَكْسُ الْفَوَائِدِ) فِي الْحُكْمِ لَا فِي التَّصْوِيرِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ مَعْلُومَانِ فِي الْفَوَائِدِ وَالِاقْتِضَاءَاتُ وَالْمَنْسِيُّ مَا عَدَاهُمَا فَيُضِيفُ مَا نَسِيَ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ لِلْأَوَّلِ وَفِي الْفَوَائِدِ يُضِيفُ مَا نَسِيَ مِنْهَا لِمَا بَعْدَهُ بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ فَائِدَةٍ لَا يَدْرِي حَوْلَهَا الشَّهْرَ الْمُتَقَدِّمَ أَوْ الْمُتَأَخِّرَ لِلْمُتَأَخِّرِ وَإِنْ نَسِيَ الْجَمِيعَ إلَّا الْأَخِيرَ ضَمَّ الْكُلَّ لِلْأَخِيرِ وَفِي الِاقْتِضَاءَاتِ يَجْعَلُ كُلَّ اقْتِضَاءٍ لَا يَدْرِي حَوْلَهُ الشَّهْرَ الْمُتَقَدِّمَ أَوْ الْمُتَأَخِّرَ لِلْمُتَقَدِّمِ. (ص) وَالِاقْتِضَاءُ لِمِثْلِهِ مُطْلَقًا (ش) أَيْ وَضَمُّ الِاقْتِضَاءِ النَّاقِصِ عَنْ النِّصَابِ لِمِثْلِهِ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ الْمُكَمِّلَةِ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ بَقِيَتْ الِاقْتِضَاءَاتُ السَّابِقَةُ أَوْ أُنْفِقَتْ، أَوْ ضَاعَتْ تَخَلَّلَتْ بَيْنَهُمَا فَوَائِدُ أَمْ لَا وَفِيهِ مَعَ هَذَا نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ: وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ. (ص) وَالْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ (ش) أَيْ وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ سَوَاءٌ بَقِيَتْ أَوْ أُنْفِقَتْ قَبْلَ اقْتِضَائِهِ لَا لِلْمُتَقَدِّمِ الْمُنْفَقِ قَبْلَ حُصُولِهَا، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ حَوْلِهَا أَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا حَتَّى حَالَ حَوْلُهَا فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهَا.
(ص) فَإِنْ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلٍ ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً، وَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَحُكْمُ مَا عُلِمَ وَقْتُهُ. . . إلَخْ) جَوَابُ أَمَّا إلَّا أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي الْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ عِلْمُ وَقْتِ جَمِيعِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَأَنَّ هَذَا لِهَذَا وَهَكَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ عُلِمَ. . . إلَخْ مَعْنَاهُ عِلْمُ بَعْضِ أَوْقَاتِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَمَا فِيهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الظُّهُورَ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَمْ يَظْهَرْ نَعَمْ يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْأَكْثَرُ لِلْأَوَّلِ وَبِهِ الْفَتْوَى كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ مَثَلًا لَوْ عُلِمَ أَنَّ زَمَنَ الِاقْتِضَاءَاتِ الْقِعْدَةُ وَمُحَرَّمٌ وَرَبِيعٌ الْأَوَّلُ وَرَبِيعٌ الثَّانِي وَرَجَبٌ وَعُلِمَ مَا لِلْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ وَالْمُحَرَّمِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ لِرَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَرْبَعُونَ وَرَبِيعٍ الثَّانِي ثَلَاثُونَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْأَرْبَعِينَ لِرَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَالثَّلَاثِينَ لِرَبِيعٍ الثَّانِي فَتَدَبَّرْ.
(تَنْبِيهٌ) : قَدْ عَرَفْت مَا إذَا نَسِيَ مَا عَدَا الْأَوَّلَ فَإِنَّهَا كُلَّهَا تُضَمُّ لِلْأَوَّلِ فَلَوْ عُلِمَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ دُونَ الْمُتَوَسِّطِ تُضَمُّ أَيْضًا لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: اسْتَوَيَا) أَيْ اسْتَوَى كُلٌّ وَقَوْلُهُ اُقْتُضِيَ أَيْ كُلٌّ وَهُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ فِي زَمَنِهِ أَيْ زَمَنِ نَفْسِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ اقْتَضَاهُ. (قَوْلُهُ فَانْظُرْ هَلْ يُقَدَّمُ الْأَكْثَرُ أَوْ الْأَقَلُّ) الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْأَقَلِّ. (قَوْلُهُ عَكْسُ الْفَوَائِدِ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهَذَا الْحُكْمُ عَكْسُ الْفَوَائِدِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ هَذَا الْحُكْمِ عَكْسَ الْفَوَائِدِ، أَوْ مَعْكُوسًا فَإِذَا نَسِيَ أَوْقَاتَ مَا عَدَا الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ فَإِنَّهُ يَضُمُّ الْكُلَّ أَيْ الْمَجْهُولَ لِلْأَخِيرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَوَائِدِ وَالِاقْتِضَاءَاتِ أَنَّ الْفَوَائِدَ لَمْ تَجْرِ فِيهَا الزَّكَاةُ فَلَوْ ضُمَّ آخِرُهَا لِأَوَّلِهَا كَانَ فِيهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا، وَهُوَ عَلَى الْمَدِينِ خَوْفَ عَدَمِ الْقَبْضِ وَانْظُرْ إذَا نَسِيَ وَقْتَ آخِرِ الْفَوَائِدِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُضَمُّ لِمَا قَبْلَهُ الْمَعْلُومِ كَمَا ذَكَرَهُ عب فِي الِاقْتِضَاءَاتِ. (قَوْلُهُ: فِي الْحُكْمِ لَا فِي التَّصْوِيرِ) أَيْ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فِي قَوْلِهِ: فِي التَّصْوِيرِ وَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: لَا فِي التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ مَعْلُومَيْنِ لَا عَكْسَ إلَّا فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ يُجْعَلُ مَا عَدَا الْأَوَّلَ مِنْ الْمَجْهُولِ مَضْمُونًا إلَيْهِ وَفِي الْفَوَائِدِ يُجْعَلُ مَا عَدَا الْأَخِيرَ مَضْمُومًا إلَيْهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَعْلُومَ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ الْأَوَّلُ فَقَطْ وَفِي الْفَوَائِدِ الْآخِرُ فَقَطْ وَعَلَيْهِ يَأْتِي كَلَامُ الْبِسَاطِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ فِي كُلٍّ، أَوْ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ فَقَطْ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ وَبِالْأَخِيرِ فِي الْفَوَائِدِ فَلَيْسَ كَلَامُ الْبِسَاطِيِّ مُتَعَيَّنًا كَمَا أَنَّ حِلَّ غَيْرِهِ لَيْسَ مُتَعَيَّنًا وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الِاقْتِضَاءَاتِ. . . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي سِيَاقِ نِسْيَانِ مَا عَدَا الْوَقْتَ الْأَخِيرَ فَلَا مُتَقَدِّمَ مَعْلُومٌ بِضَمِّ مَا بَعْدَهُ إلَيْهِ قَالَ عج وَإِذَا قُلْنَا بِالضَّمِّ لِلْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فَلَا يُضَمُّ إلَّا الْمُخْتَلَطُ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ فَلَوْ اخْتَلَطَتْ عَلَيْهِ الْأَوَاسِطُ فَقَطْ دُونَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ فَإِنْ كَانَ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ ضُمَّ الْأَوَاسِطُ فَقَطْ لِلْأَوَّلِ وَيَسْتَمِرُّ الْآخِرُ عَلَى حَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَوَائِدِ ضُمَّ الْأَوَاسِطُ فَقَطْ لِلْآخِرِ وَيَسْتَمِرُّ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ اهـ.
وَهَذَا قَدْ أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْتَاطُ لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ وَلِنَفْسِهِ فِي الْفَوَائِدِ. (قَوْلُهُ: نَوْعُ تَكْرَارٍ) إنَّمَا عَبَّرَ بِنَوْعٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةٍ دُونَ جِهَةٍ فَالتَّكْرَارُ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ فِي الِاقْتِضَاءَاتِ بَقَاءً، أَوْ تَلَفًا وَعَدَمُهُ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ فِي الْفَوَائِدِ تَخَلُّلًا وَعَدَمًا