الْأَعْرَفِ إنْ كَانَ، سَوَاءٌ رَأَى الْأَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ. وَقَوْلُنَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا وَقَعَ التَّخْرِيصُ مِنْهُمْ فِي أَزْمَانٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْأَوَّلِ (ص) وَإِلَّا فَمِنْ كُلٍّ جُزْءٌ (ش) أَيْ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْمَعْرِفَةِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءٌ عَلَى حَسَبِ عَدَدِهِمْ إنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أُخِذَ مِنْ قَوْلِ كُلٍّ الثُّلُثُ وَهَكَذَا فَلَوْ رَأَى أَحَدُهُمْ مِائَةً وَآخَرُ تِسْعِينَ وَآخَرُ ثَمَانِينَ يُزَكِّي عَنْ تِسْعِينَ وَلَيْسَ ذَلِكَ أَخْذًا بِقَوْلِ مَنْ رَأَى تِسْعِينَ إنَّمَا هُوَ لِمُوَافَقَةِ ثُلُثَ مَجْمُوعِ مَا قَالُوهُ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَصْدُقُ بِغَيْرِ الْمُرَادِ إذْ تَصْدُقَ بِأَخْذِ الثُّلُثِ مِنْ قَوْلِ أَحَدِهِمَا وَمِنْ الْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ مَثَلًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَمِنْ كُلٍّ بِنِسْبَةِ قَائِلِهِ لِمَجْمُوعِهِمْ.
(ص) وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اُعْتُبِرَتْ (ش) الضَّمِيرُ فِي أَصَابَتْهُ لِمَا وَقَعَ فِيهِ الْخَرْصُ أَيْ، وَإِنْ أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّخْرِيصُ قَبْلَ جُذَاذِهِ اُعْتُبِرَتْ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَيْسَ هَذَا بِبَيْعٍ وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ اُنْظُرْ نَصَّهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ. (ص) وَإِنْ زَادَتْ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ فَالْأَحَبُّ الْإِخْرَاجُ وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ، أَوْ الْوُجُوبُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخَارِصِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عَارِفًا فَإِذَا خَرَصَ الثَّمَرَةَ فَوُجِدَتْ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَصَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ زَكَاةَ الزَّائِدِ قِيلَ وُجُوبًا وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا قَالَ فِيهَا وَمَنْ خُرِصَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَوْسُقٍ فَوَجَدَ خَمْسَةً فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُزَكِّيَ لِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخُرَّاصِ الْيَوْمَ فَقَوْلُ الْإِمَامِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُزَكِّيَ حَمَلَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَلَى الْوُجُوبِ كَالْحَكَمِ يَحْكُمُ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ خَطَأٌ صِرَاحٌ وَهَذَا حَمْلُ الْأَكْثَرِ وَحَمَلَهُ بَعْضٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ لِتَعْلِيلِهِ بِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخُرَّاصِ فَلَوْ كَانَ عَلَى الْوُجُوبِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إصَابَةِ الْخُرَّاصِ وَلَا إلَى خَطَئِهِمْ وَمَفْهُومُ زَادَتْ لَوْ نَقَصَتْ الثَّمَرَةُ عَنْ تَخْرِيصِ الْعَدْلِ الْعَارِفِ فَإِنْ ثَبَتَ النَّقْصُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا لَمْ تُنْقِصْ الزَّكَاةَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي نَقْصِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْهُ قَالَهُ الْجَلَّابُ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ النَّقْصَ مِنْ خَطَأِ الْمُخَرِّصِ لَنَقَصَتْ الزَّكَاةُ وَهَذَا الْمَوْضِعُ أَحَدُ مَوَاضِعَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ حُمِلَ فِيهَا أَحَبُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَمِنْهَا وَلَا يُتَوَضَّأُ بِشَيْءٍ مِنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا وَلَا بِالْعَسَلِ الْمَمْزُوجِ وَلَا بِالنَّبِيذِ وَالتَّيَمُّمُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهَا قَوْلُهَا فِي الْعَبْدِ يُظَاهِرُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ وَمِنْهَا قَوْلُهَا فِي السَّلَمِ الثَّانِي إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ الْعَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَضْمَنَ وَفِي السَّلَمِ الثَّالِثِ فِي النَّصْرَانِيِّ يَبِيعُ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِثْلِهِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مُسْلِمٌ حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَمِنْهَا قَوْلُهُ: فِي اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ الرَّائِعَةِ يَغِيبُ عَلَيْهَا غَاصِبٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا وَفِي الْحَجِّ الثَّالِثِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ مَكَانَ كَسْرِ الْمَدِّ يَوْمًا وَفِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ صَلَّى بِقَرْقَرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، أَوْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَشْغَلُ أَحْبَبْت لَهُ الْإِعَادَةَ أَبَدًا وَفِي الْحَجْرِ وَلَا يَتَوَلَّى الْحَجْرَ إلَّا الْقَاضِي قِيلَ فَصَاحِبُ الشُّرْطَةِ قَالَ الْقَاضِي أَحَبُّ إلَيَّ وَفِي السَّرِقَةِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تُقْطَعَ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ لِأَنَّهُمْ آبَاءٌ وَلِأَنَّ الدِّيَةَ تَغْلُظُ عَلَيْهِمْ.
(ص) وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ وَكَيْفَ كَانَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَبِّ إذَا اجْتَمَعَ مِنْ الْأَنْوَاعِ نِصَابٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِقَدْرِهِ فَإِنْ كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سَوَاءٌ رَأَى الْأَقَلَّ، أَوْ الْأَكْثَرَ) قَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا رَأَى الْأَكْثَرَ، وَأَمَّا إذَا رَأَى الْأَقَلَّ فَفِي هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ فِي الشَّهَادَاتِ قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَالْمَذْهَبُ فِي الشَّهَادَاتِ تَقْدِيمُ النَّافِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ غَيْرُ الْأَعْرَافِ لِأَنَّهُ نَاقِلٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّكَاةِ كَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَانْظُرْ هَلْ يُسَلَّمُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّ جُزْءٌ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْمَعْرِفَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ بِنَفْيِ الْمَعْرِفَةِ رَأْسًا وَبِنَفْيِ الْمُفَاضَلَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَعْرِفَةِ إلَّا أَنَّ الشَّارِحَ أَفَادَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّانِيَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ ثُمَّ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ سَقَطَ مِنْ الْبَائِعِ مَا أُجِيحَ لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَنُظِرَ لِمَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ زَكَّى جَمِيعَ مَا بَاعَ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَهَا دُونَ النِّصَابِ وَقَوْلُهُ: لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا وَوَقَعَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِ الْحَطَّابِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي وَمُقْتَضَاهَا الرُّجُوعُ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْجِعْ بِالْفِعْلِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْبَائِعِ زَكَاةُ مَا أُجِيحَ فَانْظُرْهُ وَانْظُرْ عب وَقَدْ يُقَالُ الْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعُمُومِ فَيُقَالُ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ الطِّيبِ وَعَلَى مَا بِيعَ قَبْلُ وَعَلَى مَا لَمْ يُبَعْ أَصْلًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ يُقَالُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُؤَدِّي إلَى نَوْعِ تَكْرَارٍ مَعَ مُفَادِ قَوْلِهِ: وَإِنْ تَلِفَ جَزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِبَارَ الْجَائِحَةِ وَعَدَمَهَا وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا خُرِصَ قَبْلَهَا وَعَلَى تَقْرِيرِ شَارِحِنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَأْخُذَ الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ) أَيْ وَعَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا أَيْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَجَبَ الْإِخْرَاجُ بِاتِّفَاقٍ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا عَلَى حَمْلِ الْأَكْثَرِ) يُعْلَمُ مِنْهُ تَرْجِيحُهُ. (قَوْلُهُ يَبِيعُ الطَّعَامَ) أَيْ يُرِيدُ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِقَوْلِهِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مُسْلِمٌ. . . إلَخْ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْبِضَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ النَّصْرَانِيِّ يُحْتَمَلُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَيُحْتَمَلُ مِنْ بَائِعِهِ أَيْ بِأَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ بَائِعِهِ ثُمَّ يُعْطِيَهُ لِمَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحَالُ عَلَى قَبْضِ الْمُشْتَرِي، بَلْ يَكْفِي قَبْضُ بَائِعِهِ مِنْ بَائِعِهِ وَيُحْتَمَلُ حَتَّى يَقْبِضَهُ بَائِعُ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ: مِنْ النَّصْرَانِيِّ أَيْ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَأُولَى لَوْ كَانَ مُسْلِمًا