وَعِلَاجٍ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِيصَاءِ وَالْمَوْتِ يَسْتَحِقُّهُ وَلَهُ فِيهِ النَّظَرُ وَالتَّصَرُّفُ الْعَامُّ فَصَارَ شَرِيكًا، وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْمَسَاكِينِ فَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى لِلْمَسَاكِينِ بِجُزْءٍ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ التَّعَيُّنِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوهُ إلَّا بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ وَبِقَوْلِهِ بِجُزْءٍ مِمَّا لَوْ أَوْصَى بِكَيْلٍ كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمَيِّتِ كَالْمَسَاكِينِ وَيَدْخُلُ فِي الْجُزْءِ وَصِيَّتُهُ لِزَيْدٍ مَثَلًا بِزَكَاةِ زَرْعِهِ أَيْ بِمِقْدَارِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: لَا الْمَسَاكِينِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِكَيْلٍ عَامٍّ فِي الْمُوصَى لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَوْ قَالَ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ بِجُزْءٍ وَإِلَّا فَعَلَى الْمَيِّتِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الزَّكَاةِ عَلَى مَنٍّ. اُنْظُرْ الْحُكْمَ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ
. (ص) وَإِنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ (ش) الْخَرْصُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَصْدَرُ خَرَصَ يَخْرُصُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنْ الرُّطَبِ تَمْرًا وَبِكَسْرِ الْخَاءِ الشَّيْءُ الْمُقَدَّرُ فِيهِ يُقَالُ: خَرَصَ هَذِهِ النَّخْلَةَ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ التَّخْرِيصَ خَاصٌّ بِالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي إلْحَاقِ الزَّرْعِ بِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ أَمْنِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ أَوْ جَعْلِهِ أَمِينًا عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ صُحِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّخْرِيصِ فِيهِمَا فَقِيلَ لِحَاجَةِ أَهْلِهِمَا إلَيْهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا لَا يُخْرَصُ إلَّا الْعِنَبُ وَالتَّمْرُ لِلْحَاجَةِ إلَى أَكْلِهِمَا رَطْبَيْنِ. انْتَهَى وَعَلَى هَذَا يُلْحَقُ غَيْرُهُمَا بِهِمَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا سِيَّمَا فِي سِنِي الشَّدَائِدِ وَقِيلَ لِتَيَسُّرِ حَزْرِهِمَا لِشِدَّةِ ظُهُورِهِمَا وَقِيلَ تَعَبُّدٌ لِوُرُودِهِ فِيهِمَا فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِمَا كَمَا تَقْتَصِرُ الْقُرْعَةُ عَلَى مَحَالِّهَا وَبَنَى ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَيْنِ فِي تَخْرِيصِ غَيْرِهِمَا وَعَدَمِهِ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ بِالْحَاجَةِ وَإِمْكَانِ الْحَزْرِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ عَلَّلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ بِمِقْدَارِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ) تَقَدَّمَ لَهُ فِي ك فَقَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِيهَا وَمَنْ مَاتَ وَقَدْ أَوْصَى بِزَكَاةِ زَرْعِهِ الْأَخْضَرِ قَبْلَ طِيبِهِ، أَوْ بِتَمْرِ حَائِطِهِ قَبْلَ طِيبِهِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرُ مُبَدَّأَةٍ وَلَا تُسْقِطُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ عَنْ الْوَرَثَةِ زَكَاةَ مَا بَقِيَ لَهُمْ لِأَنَّهُ كَرَجُلٍ اسْتَثْنَى عُشْرَ زَرْعِهِ لِنَفْسِهِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ فِي حَظِّ كُلِّ وَارِثٍ وَحْدَهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زُكِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْعُشْرِ الَّذِي أَوْصَى بِهَا لِلْمَسَاكِينِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرُ زَكَّاهُ الْمُصَدِّقُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا مُدٌّ إذْ لَيْسُوا بِأَعْيُنِهِمْ وَهُمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ وَلَا تَرْجِعُ الْمَسَاكِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا يَأْخُذُ مِنْهُمْ الْمُصَدِّقُ، وَإِنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ كَشَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْصَى لَهُمْ بِهِ فَاسْتُحِقَّ هُوَ، أَوْ بَعْضُهُ اهـ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُلْغَزُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ زُكِّيَ مَرَّتَيْنِ وَزُكِّيَ بَعْضُهُ مَرَّةً ثَالِثَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ. . . إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْصِرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِجُزْءٍ وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ. (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الزَّكَاةِ عَلَى مَنٍّ) وَكَانَ الْأَوْلَى بِالْبَابِ ذِكْرُهَا وَهِيَ فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ قَبْلَهُ وَتَأَخَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَهُ فَتَكُونُ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا بِجُزْءٍ، أَوْ بِكَيْلٍ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ قَبْلَ الطِّيبِ وَمَاتَ قَبْلَهُ فَفِي مَالِهِ أَيْضًا بِكَيْلِ لَمَسَاكِينَ أَوْ لِمُعَيَّنِينَ فَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ كَرُبُعٍ لِمُعَيَّنٍ زَكَّاهَا الْمُعَيَّنُ إنْ كَانَ نِصَابًا وَلَوْ بِانْضِمَامِهِ لِمَالِهِ وَلَمَسَاكِينَ زُكِّيَتْ عَلَى ذِمَّتِهِمْ نِصَابًا وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا أُخِذَ مِنْ الزَّكَاةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ فَفِي مَالِهِ غَيْرُ مُشْكِلٍ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَصِيَّةٌ
. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُخْرَصُ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْعِنَبِ الرُّطَبُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ مَا يَصِيرُ تَمْرًا لِأَنَّهُ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ لَا يُخْرَصُ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فَفِي تَخْرِيصِهِ الْآنَ انْتِقَالٌ مِنْ مَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ وَقَدْ يُمْنَعُ ضَبْطُهُ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ، بَلْ يُضْبَطُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَيَكُونُ مِنْ إطْلَاقِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ، وَهُوَ تَمْرُ النَّخْلِ إذَا كَانَ رُطَبًا. اهـ. ثُمَّ نَقُولُ أَرَادَ التَّمْرَ الَّذِي لَوْ بَقِيَ تَتَمَّرَ بِالْفِعْلِ وَالْعِنَبَ الَّذِي تَزَبَّبَ بِالْفِعْلِ أَنْ لَوْ بَقِيَ فَخَرَجَ بَلَحُ مِصْرَ وَعِنَبُهَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيصِهِمَا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَاجَةُ أَكْلٍ وَنَحْوِهِ لَتَوَقَّفَ زَكَاتُهُمَا عَلَى تَخْرِيصِهِمَا مَعَ حِلِّ بَيْعِهِمَا وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنْ قَالَ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ تَقْدِيرُ جَفَافِهِمَا وَفَرْقٌ بَيْنَ تَقْدِيرِ الْجَفَافِ وَالتَّخْرِيصِ فَالزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ لَا يُخْرَصُ وَيُقَدَّرُ جَفَافُهُ فَعِنَبُ مِصْرَ وَرُطَبُهَا إنْ خُرِصَ فَعَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يُخْرَصْ كَيْلًا ثُمَّ قُدِّرَ جَفَافُهُمَا وَاعْتَرَضَ حَصْرَ الْمُصَنِّفِ بِالشَّعِيرِ الْأَخْضَرِ إذَا أَفْرَكَ وَأُكِلَ أَوْ بِيعَ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ وَبِالْفُولِ الْأَخْضَرِ وَالْحِمَّصِ الْأَخْضَرِ وَبِالْبَلَحِ الْخُضَارَاتِ فَإِنَّ كُلًّا يُخْرَصُ كَمَا مَرَّ أُكِلَتْ الثَّلَاثَةُ، أَوْ بِيعَتْ زَمَنَ مَسْغَبَةٍ، أَوْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي كُلٍّ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ يُبْسِهَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْإِفْرَاكِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَصْرَهُ مُنْصَبٌّ عَلَى أَوَّلِ شُرُوطِهِ. اهـ.
وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَخْرِيصَ الشَّعِيرِ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ آتٍ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ وَأَنَّ الْفُولَ الْأَخْضَرَ وَالزَّرْعَ لَا تَخْرِيصَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَكِنْ فَرْقٌ بَيْنَ مَا أُكِلَ بِالتَّخْرِيصِ وَبَيْنَ خَرْصِ الشَّيْءِ قَائِمًا عَلَى أُصُولِهِ (قَوْلُهُ: خُرِصَ. . . إلَخْ) خُرِصَ مِنْ بَابِ قَتَلَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَلَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَكَسْرُهَا يُؤْذِنُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جُعِلَ. . . إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى إلْحَاقِ حَاصِلِهِ أَنَّ هَذَا التَّخْرِيصَ لَيْسَ لِأَجْلِ احْتِيَاجِ أَهْلِ الزَّرْعِ لِلْأَكْلِ مِنْهُ كَمَا فِي التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَإِنَّمَا هُوَ لِلْخَوْفِ مِنْ أَكْلِهِمْ مِنْ الزَّرْعِ فَيَضِيعُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ جَعْلُ الْأَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُلْحَقُ غَيْرُهُمَا بِهِمَا) أَيْ مِنْ الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا فِي سَنِيِّ الشَّدَائِدِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَخْرِيصَ غَيْرِهِمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَخْتَصُّ بِسِنِيِّ الشَّدَائِدِ (قَوْلُهُ: لِتَيَسُّرِ) أَيْ لِإِمْكَانِ حَزْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَيَقْتَصِرُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَيَسَّرَ حَزْرُهُمَا وَعَلَى التَّعَبُّدِ