حَاضِرَهَا هُوَ مَحَطُّ الِاسْتِحْبَابِ.
وَأَمَّا الِاسْتِخْلَافُ مِنْ أَصْلِهِ فَوَاجِبٌ وَلَوْ قَالَ وَاسْتِخْلَافٌ إلَخْ بِحَذْفِ الضَّمِيرِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ عِنْدَ عَدَمِ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ وَمِنْهَا الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَتَيْنِ ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي قِرَاءَةُ سُورَةٍ تَامَّةٍ فِي الْأُولَى مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ «وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَقْرَأُ فِي خُطْبَتِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْلِهِ {فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71] » وَمِنْهَا خَتْمُ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَأَجْزَأَ أَنْ يَأْتِيَ مَكَانَ ذَلِكَ قَوْلُهُ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ لَكِنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْفَضْلِ وَتَعْبِيرُ الْمُؤَلِّفِ بِالْإِجْزَاءِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَأَجْزَأَ فِي الِاسْتِحْبَابِ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ فِيهِ تَكَلُّفٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ الْآيَةَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ فِي خَتْمِهَا وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَ فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] الْآيَةَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَ فِي الْخُطْبَةِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] الْمَهْدِيُّ الْعَبَّاسِيُّ وَمِنْهَا أَنْ يَتَوَكَّأَ الْخَطِيبُ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى عَصًا، أَوْ قَوْسٍ غَيْرَ عُودِ الْمِنْبَرِ وَلَوْ خَطَبَ بِالْأَرْضِ وَيَكُونُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ وَفَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ خَوْفَ الْعَبَثِ بِمَسِّ لِحْيَتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ كَوْنُ الْعَصَا غَيْرَ عُودِ الْمِنْبَرِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ خَوْفَ سُقُوطِهِ بِخِلَافِ عُودِ الْمِنْبَرِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُرْسِلَهُ وَلَا يَسْقُطُ وَالْعَصَا أَوْلَى فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَالْقَوْسُ أَوْ السَّيْفُ وَلَوْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْعَصَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَهِيَ الْأَصْلُ وَسَوَّى ابْنُ حَبِيبٍ بِهَا الْقَوْسَ.
وَمِنْهَا قِرَاءَةُ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلَوْ لِمَسْبُوقٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْقَوْلَ وَصِفَتَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ بِ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَأَجَازَ مَالِكٌ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا أَيْضًا بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] أَوْ الْمُنَافِقُونَ وَمِنْهَا حُضُورُ الْمُكَاتَبِ وَلَا يَتَوَقَّفُ نَدْبُ حُضُورِهِ لِلْجُمُعَةِ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ لِسُقُوطِ تَصَرُّفِهِ عَنْهُ بِالْكِتَابَةِ وَكَذَا يُسْتَحَبُّ حُضُورُهَا لِلصَّبِيِّ أَذِنَ وَلِيُّهُ أَمْ لَا لِيَعْتَادَهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ حَيْثُ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَنْ حَوَائِجِهِ وَأَمَّا الْعَبْدُ وَالْمُدَبَّرُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْحُضُورُ إنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: ابْنُ يُونُسَ. . إلَخْ) يُسْتَفَادُ مِنْ نَصِّهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قِرَاءَةٌ فِيهِمَا أَيْ فِي مَجْمُوعِهِمَا وَعِبَارَةُ شب وَاسْتَحَبَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ سُورَةً كَامِلَةً فِي الْأُولَى مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ فَخَصُّوا اسْتِحْبَابَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى وَبِكَوْنِ مَا يَقْرَؤُهُ سُورَةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَنَحْوُهُ لِلْمَوَّاقِ وَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قِرَاءَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] إلَخْ وَلَعَلَّهُ لِلْعَمَلِ وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِعْلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ فِي الْفَضْلِ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى فِي الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ بَلْ كِلَاهُمَا حَسَنٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَحْسَنُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا حَلَّلْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ مَعْنًى صَحِيحًا لَكِنَّ عِبَارَتَهُ لَا تُفِيدُهُ وَقَوْلُهُ وَحَمَلَهُ جَوَابٌ عَنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِيهِ تَكَلُّفٌ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ، وَنَقُولُ لَا تَكَلُّفَ فِيهِ وَالْمَعْنَى وَأَجْزَأَ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ) أَيْ وَيَكُونُ مَا وَرَدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ خِلَافَ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُهُ: غَيْرَ عُودِ الْمِنْبَرِ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ وَغَيْرَ ذَلِكَ غَيْرَ عُودِ الْمِنْبَرِ (قَوْلُهُ: الْمَهْدِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ) أَيْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ قَالَ الْبَدْرُ وَانْظُرْ هَلْ اتِّخَاذُهُ الْخَلْوَةَ مَنْدُوبٌ وَهَلْ تُجْعَلُ عَلَى يَسَارِ الْمِنْبَرِ أَوْ يَمِينِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ تَهْيِيبٌ لِلْحَاضِرِينَ وَإِشْعَارٌ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَقُلْ تِلْكَ الْمَوْعِظَةَ فَلَهُ الْعَصَا فَإِنْ تَمَادَى قُتِلَ بِالسَّيْفِ أَوْ الْقَوْسِ وَالْمُرَادُ الْقَوْسُ الْعَرَبِيَّةُ لِطُولِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا بِخِلَافِ الرُّومِيَّةِ فَإِنَّهَا قَصِيرَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ فَلَوْ لَمْ يَتَوَكَّأْ فَلَا سُنَّةَ لَهُ فِيمَا يَصْنَعُ بِيَدِهِ فَإِنْ شَاءَ أَرْسَلَهَا أَوْ قَبَضَ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى أَوْ عَكْسَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ كَوْنُ الْعَصَا. . . إلَخْ) أَرَادَ بِالْعَصَا الشَّيْءَ الْمَمْسُوكَ لَا خُصُوصَ الْعَصَا؛ لِأَنَّ عُودَ الْمِنْبَرِ لَا يُقَالُ لَهُ عَصًا عُرْفًا (قَوْلُهُ: خَوْفَ سُقُوطِهِ) تَعْلِيلٌ لِلنَّفْيِ لَا مَدْخُولِهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْسُ أَوْ السَّيْفُ) أَيْ فَكِلَاهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْقَوْلَ وَصِفَتَهُ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا إلَّا إذَا قَرَأَهَا الْإِمَامُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَقْرَأُ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ قَرَأَهَا فَيُؤَوَّل ذَلِكَ التَّعْلِيلُ بِأَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهُ قَاضٍ لِلْقَوْلِ وَصِفَتِهِ الْمَنْدُوبِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ فَلَوْ فَاتَ الْإِمَامَ قِرَاءَتُهَا فِي الْأُولَى فَلَا يُنْدَبُ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْ فَوْقِهَا؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْكِيسُ الْقِرَاءَةِ قَالَهُ سَنَدٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَجَازَ مَالِكٌ) أَيْ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ كَذَا فِي عب فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ اعْتَمَدَ التَّخْيِيرَ مُحَشِّي تت فَقَالَ: التَّخْيِيرُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى سَبِّحْ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الْكَافِي أَقُولُ: هَذَا مَا يُفِيدُهُ شَارِحُنَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَفَادَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَأَجَازَ مَالِكٌ أَيْ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ الْمُصَنِّفِ التَّخْيِيرُ وَأَنَّ كُلًّا يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ النَّدْبِ لَكِنَّ: هَلْ أَتَاك أَقْوَى فِي النَّدْبِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ) وَالْأَخِيرُ كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْمَضَرَّةِ فَقَدْ يَجِبُ التَّخَلُّفُ (قَوْلُهُ: الْعَبْدُ وَالْمُدَبَّرُ) وَانْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ الْإِذْنُ لِسَيِّدِهِمَا أَمْ لَا هَكَذَا نَظَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَقُولُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةُ الْوَاجِبِ.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا حَضَرَهَا الْمُكَاتَبُ لَزِمَتْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِئَلَّا يَطْعَنَ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ وَالْأُنْثَى وَالْعَبْدِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إذَا حَضَرُوهَا الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ هَكَذَا اسْتَظْهَرَ عب اللُّزُومَ فِي الْمُكَاتَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ عَدَمُ اللُّزُومِ أَيْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسَافِرِ فَتَدَبَّرْ