عُذْرُهُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِأَنْ خُلِّيَ سَبِيلُ الْمَسْجُونِ أَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ، أَوْ عَتَقَ الرَّقِيقُ فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَاقِبَةَ أَسْفَرَتْ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا وَعَطَفَهُمَا الْبِسَاطِيُّ عَلَى قَدِمَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الضَّمِيرِ (ص) لَا بِالْإِقَامَةِ إلَّا تَبَعًا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لَزِمَتْ بِالِاسْتِيطَانِ لَا بِالْإِقَامَةِ أَيْ مَنْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَتِمُّ الْعَدَدُ إلَّا بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَلَا تُقَامُ الْجُمُعَةُ وَأَمَّا إمَامَتُهُ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَلَاقٍ وَهُوَ الْبَيِّنُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَجَزَمَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ

(ص) وَنُدِبَ تَحْسِينُ هَيْئَةٍ وَجَمِيلُ ثِيَابٍ وَطِيبٌ وَمَشْيٌ وَتَهْجِيرٌ وَإِقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ مُطْلَقًا لِوَقْتِهَا وَسَلَامُ خَطِيبٍ لِخُرُوجِهِ لَا صُعُودِهِ وَجُلُوسُهُ أَوَّلًا وَبَيْنَهُمَا وَتَقْصِيرُهُمَا وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ وَرَفْعُ صَوْتِهِ وَاسْتِخْلَافُهُ لِعُذْرٍ حَاضِرَهَا وَقِرَاءَةٌ فِيهِمَا وَخَتْمُ الثَّانِيَةِ بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَأَجْزَأَ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ وَتَوَكُّؤٌ عَلَى كَقَوْسٍ وَقِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لِمَسْبُوقٍ وَهَلْ أَتَاك وَجَازَ بِالثَّانِيَةِ سَبِّحْ أَوْ الْمُنَافِقُونَ وَحُضُورُ مُكَاتَبٍ وَصَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا (ش) هَذِهِ مُسْتَحَبَّاتٌ لِلْجُمُعَةِ مِنْهَا تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ لِمُرِيدِ حُضُورِهَا مِنْ قَصِّ شَارِبٍ وَظُفْرٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَسِوَاكٍ وَنَحْوِهَا لِمَنْ كَانَ لَهُ أَظْفَارٌ تَحْتَاجُ إلَى الْقَصِّ وَشَارِبٌ يَحْتَاجُ إلَى الْقَصِّ، أَوْ يَكُونُ لَهُ شَعْرُ عَانَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَهَا بِأَنْ كَانَتْ هَيْئَتُهُ حَسَنَةً فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا التَّحْسِينُ إذْ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ وَمِنْهَا لُبْسُ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ شَرْعًا وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْجَمِيلَةِ فِيهِ الْجَمِيلَةُ عِنْدَ النَّاسِ وَمِنْهَا التَّطَيُّبُ بِأَيِّ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ وَلَوْ بِالطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ النِّسَاءِ وَمِنْهَا الْمَشْيُ فِي غَدْوَةٍ لِلْجُمُعَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وَمِنْهَا التَّهْجِيرُ وَهُوَ الرَّوَاحُ فِي الْهَاجِرَةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَيُكْرَهُ التَّبْكِيرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ وَخِيفَةُ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْمُرَادُ بِالْهَاجِرَةِ الْإِتْيَانُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ.

فَالْمُرَادُ بِالسَّاعَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» أَجْزَاءَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَشَهَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ خِلَافًا لِاخْتِيَارِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُمُعَةَ بِمَحَلِّ إقَامَةٍ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ تَبَعًا ثُمَّ قَدِمَ وَطَنَهُ قَبْلَ إقَامَتِهَا فِيهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا (قَوْلُهُ أَسْفَرَتْ) أَيْ أَظْهَرَتْ (قَوْلُهُ مَعَ قَطْعِ النَّظْرِ عَنْ الضَّمِيرِ) أَيْ الَّذِي فِي قَدِمَ أَيْ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ قَدِمَ لِلْمُسَافِرِ وَالضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: أَوْ زَالَ عُذْرُهُ لِمَنْ قَامَ بِهِ الْعُذْرُ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَوْ صَلَّى عَائِدٌ عَلَى الْمُصَلِّي الْمُطْلَقِ، وَيُصْرَفُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ لِمَا يُنَاسِبُ بِأَنْ تَقُولَ ثُمَّ قَدِمَ أَيْ الْمُسَافِرُ وَقَوْلُهُ أَوْ زَالَ عُذْرُهُ أَيْ عُذْرُ ذِي الْعُذْرِ.

(قَوْلُهُ: وَجَمِيلُ ثِيَابٍ) أَيْ وَلُبْسُ جَمِيلِ ثِيَابٍ وَقَوْلُهُ وَطِيبٌ أَيْ وَاسْتِعْمَالُ طِيبٍ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ) أَيْ لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِالثَّانِيَةِ) أَيْ وَجَازَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الثَّانِيَةِ بِسَبِّحْ الْبَاءُ زَائِدَةٌ وَفِي نُسْخَةٍ سَبِّحْ بِدُونِ بَاءٍ (قَوْلُهُ وَسِوَاكٌ) أَيْ مُطْلَقًا وَجَعَلَهُ مِنْ تَحْسِينِ الْهَيْئَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَنْظِيفَ الْفَمِ مِنْ اللُّزُوجَاتِ، وَقَدْ يَجِبُ إنْ أَكَلَ كَثُومٍ يَوْمَهَا وَتَوَقَّفَتْ إزَالَةُ رَائِحَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُزِلْهَا سَقَطَ حُضُورُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ لَهُ شَعْرُ عَانَةٍ) هَذَا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: وَلُبْسُ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَمِيلُ ثِيَابٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ) يَقْتَضِي أَنَّ الْجَمِيلَ شَرْعًا يَكُونُ أَبْيَضَ وَغَيْرَ أَبْيَضَ إلَّا أَنَّ الْأَبْيَضَ أَفْضَلُ وَفِيهِ شَيْءٌ بَلْ الْجَمِيلُ شَرْعًا هُوَ الْأَبْيَضُ خَاصَّةً وَإِنْ عَتِيقًا بَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ بِمَعْنَى ذُو الْبَيَاضِ (قَوْلُهُ: الْجَمِيلَةُ عِنْدَ النَّاسِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَلَوْ أَسْوَدَ فَالثِّيَابُ الْجَمِيلَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ بِخِلَافِ الْعِيدِ فَلِلْيَوْمِ لَا لِلصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ لَبِسَ الْجَدِيدَ غَيْرَ الْأَبْيَضِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَالْأَبْيَضَ بَعْدَ وَقْتِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ) أَيْ كَالْمِسْكِ وَالْمُذَكَّرِ كَالْوَرْدِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ) الْقَبْلِيَّةُ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ فَيَصْدُقُ بِكُلِّ مَا قَبْلَهُ.

(تَنْبِيهٌ) : إنَّمَا طُلِبَ الطِّيبُ وَالسِّوَاكُ يَوْمَهَا لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَكُونُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَرُبَّمَا صَافَحُوهُ أَوْ لَمَسُوهُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ «عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ» (قَوْلُهُ: وَمَشَى فِي ذَهَابِهِ) إذْ هُوَ عَبْدٌ ذَاهِبٌ إلَى مَوْلَاهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ التَّوَاضُعَ لَهُ لِيَكُونَ سَبَبًا لِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ بِقَبُولِهِ صَلَاتَهُ وَدُعَاءَهُ، وَأَمَّا فِي الرُّجُوعِ فَلَا يُطَالَبُ بِالْمَشْيِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ قَدْ انْقَضَتْ (قَوْلُهُ: مَنْ اغْبَرَّتْ) أَيْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ وَشَأْنُ الْمَشْيِ الِاغْبِرَارُ وَإِنْ اتَّفَقَ عَدَمُ الِاغْبِرَارِ فِيمَنْ مَنْزِلُهُ قَرِيبٌ وَاغْبِرَارُ قَدَمَيْ الرَّاكِبِ نَادِرٌ أَوْ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ ذَلِكَ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ نَقْضًا (قَوْلُهُ: حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) أَيْ كَانَ سَبَبًا بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَاصِدًا امْتِثَالَ أَمْرِ الشَّارِعِ كَانَ سَبَبًا فِي عَفْوِ اللَّهِ عَنْ ذُنُوبِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْكَبَائِرَ لَا يُكَفِّرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ أَوْ عَفْوُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَخِيفَةَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ) أَيْ أَوْ السُّمْعَةِ فَالْأَوَّلُ فِيمَنْ يَرَاهُ وَالثَّانِي فِيمَنْ يَسْمَعُ بِهِ (قَوْلُهُ: غُسْلَ الْجَنَابَةِ) أَيْ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: أَجْزَاءَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. . . إلَخْ) خَبَرٌ الْمُرَادُ لَا السَّاعَاتُ الْمُتَعَارَفَةُ الْمُنْقَسِمَةُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (فَإِنْ قُلْتَ) : حَمْلُ السَّاعَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَجْزَاءِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ مَجَازٌ فَلَا قَرِينَةَ وَحَمْلُهَا عَلَى سَاعَاتِ النَّهَارِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ حَمْلٌ لَهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَجَازَ لَازِمٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015