الْعِيدَيْنِ بِالسَّمَاعِ حَيْثُ قَالَ وَسَمَاعُهُمَا فَأَفْهَمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ سَمَاعُ خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَالْوَاجِبُ الْحُضُورُ فِي الْجَامِعِ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْعِيدَيْنِ السَّمَاعُ وَلَا يَكْفِي فِي الِاسْتِحْبَابِ الْحُضُورُ فِي الْجَامِعِ

(ص) وَاسْتَقْبَلَهُ غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ (ش) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ اسْتِقْبَالَ الْإِمَامِ بِوُجُوهِهِمْ عَلَى أَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَسْمَعُهُ وَمَنْ لَا يَسْمَعُهُ وَمَنْ يَرَاهُ وَمَنْ لَا يَرَاهُ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَجِبُ اسْتِقْبَالُ مَنْ هُوَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بِانْتِقَالِهِمْ عَنْ مَوَاضِعِهِمْ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيتَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ وَخِلَافَ نَصِّ الْمُوَطَّأِ؛ لِقَوْلِهِ فِيهِ مَنْ يَلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرِهَا اهـ.

(ص) وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لَهُمَا تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لِلْخُطْبَتَيْنِ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ كَمَا عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَسُنِّيَّتِهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَكْثَرِ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ مَعَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: السُّنَّةُ الْقِيَامُ فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا أَسَاءَ وَصَحَّتْ

(ص) وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ الْحَرَّ الذَّكَرَ بِلَا عُذْرٍ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِ الصِّحَّةِ - وَهِيَ عَلَى مَا تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ خَمْسَةٌ - شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَهِيَ أَيْضًا خَمْسَةٌ فَمَتَى وُجِدَتْ لَزِمَتْ وَوَجَبَ إثْمُ تَارِكِهَا وَعُقُوبَتُهُ وَهَلْ يَفْسُقُ بِتَرْكِهَا وَلَوْ مَرَّةً، أَوْ ثَلَاثًا تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ وَلَزِمَتْ إلَخْ أَيْ وَلَزِمَتْ الْجُمُعَةُ عَيْنًا الْمُكَلَّفَ وَلَوْ كَافِرًا عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَا الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَهَذَا الشَّرْطُ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْجُمُعَةِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُ الْمُؤَلِّفِ فِي شُرُوطِهَا بَلْ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لِتَتْمِيمِ الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِهَا وَتَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: الْحُرُّ لَا الرَّقِيقُ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ وَلَوْ أَذِنَ سَيِّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِوُجُودِ بَدَلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَظَاهِرُ هَذَا الشَّرْطِ وَمَا بَعْدَهُ نَفْيُ الْوُجُوبِ عَنْ أَضْدَادِهَا عَيْنًا وَتَخْيِيرًا وَإِنَّمَا تُجْزِئُ حَاضِرَهَا مِنْهُمْ بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ وَلِلْقَرَافِيِّ هُنَا كَلَامٌ اُنْظُرْهُ وَرَدَّهُ فِي شَرْحِنَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِالسَّمَاعِ) أَيْ الِاسْتِمَاعِ وَالْإِصْغَاءِ كَمَا يَقُولُ حَضَرَهَا مُتَفَكِّرًا فِي أَمْرٍ فَلَمْ يَأْتِ بِالْمُسْتَحَبِّ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْحُضُورِ وَعَدَمِ وُجُودِ مَا يَشْغَلُ مِنْ كِتَابَةٍ وَقِرَاءَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَقْبَلَهُ غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ) أَيْ عِنْدَ نُطْقِهِ بِالْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ يَلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَهَا) فِي عب أَنَّ غَيْرَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ يَسْتَقْبِلُونَ ذَاتَه وَجِهَتَهُ، وَأَمَّا الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَيَسْتَقْبِلُ جِهَتَهُ لَا ذَاتَهُ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ فِي اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا أَعْرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تُسْتَقْبَلُ ذَاتُهُ أَوْ تَكْفِي الْجِهَةُ أَقُولُ وَفِي كَلَامِ عج مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ تُسْتَقْبَلُ ذَاتُهُ فَيُغَيِّرُونَ جِلْسَتَهُمْ الَّتِي كَانَتْ لِلْقِبْلَةِ بَلْ التِّلِمْسَانِيُّ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُرَادَ اسْتِقْبَالُ الذَّاتِ هَذَا، وَالْقَوْلُ الْقَوِيُّ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ كَمَا تُفِيدُهُ النُّقُولُ بَلْ سُنَّةٌ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُوَطَّأُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ بِالِاسْتِحْبَابِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: لِلْأَكْثَرِ) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ بِالشَّرْطِيَّةِ أَيْ فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ لَهُمَا وَاجِبٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ر قَوْلُهُ: وَابْنُ الْعَرَبِيِّ رَاجِعٌ لِلسُّنِّيَّةِ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَعْطِفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مَعَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَفْرَدَهُ لِتَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَسَاءَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ الْحُرْمَةَ، وَحُرِّرَ، وَإِذَا كَانَ الْمَازِرِيُّ مُوَافِقًا لِلْأَكْثَرِ فَأَيُّ دَاعٍ لِانْفِرَادِهِ وَهَلَّا اكْتَفَى بِذِكْرِ الْأَكْثَرِ عَنْهُ وَيَكُونُ مُنْدَرِجًا فِيهِمْ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَجِلَّةِ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ اشْتَهَرَ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَوْلُ أَوْ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ لَا قَوْلُ الْأَقَلِّ، وَكَانَ قَدْ اخْتَارَهُ وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ الْقَصَّارِ بِعَطْفِ ابْنِ الْقَصَّارِ عَلَى ابْنِ الْعَرَبِيِّ؛ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِ الْقَوْلِ اشْتَهَرَ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ.

(قَوْلُهُ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِي ذَلِكَ الشَّرْحِ بَلْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي ك وَنَصُّهُ: وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كَفَرَ، وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهَا كَسَلًا لَا يُقْتَلُ وَلَيْسَتْ كَالظُّهْرِ يُؤَخَّرُ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ قَالَ سَحْنُونَ وَلَا يُجْرَحُ إلَّا مَنْ تَرَكَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ بِلَا عُذْرٍ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِأَنَّ تَرْكَ الْفَرِيضَةِ مَرَّةً وَثَلَاثًا سَوَاءٌ فِي الْعِصْيَانِ وَتَعَدِّي الْحُدُودِ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا مَرَّةً ابْنُ رُشْدٍ، وَقَوْلُ سَحْنُونَ بِاشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ أَظْهَرُ إذْ لَا يَسْلَمُ الْمُسْلِمُ مِنْ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْرَحَ الْعَدْلُ بِمَا دُونَ الْكَبَائِرِ إلَّا أَنْ تَكْثُرَ مِنْهُ فَيُعْلَمَ تَهَاوُنُهُ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الصَّغَائِرِ، وَلَا يُفَسَّقُ إلَّا بِتَرْكِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ (قَوْلُهُ: لِتَتْمِيمِ الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِهَا) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ لَيْسَ خَاصًّا بِالْجُمُعَةِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِذَلِكَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ: عَيْنًا وَتَخْيِيرًا) أَيْ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْأَضْدَادِ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً تَخْيِيرًا بِأَنْ نَقُولَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْجُمُعَةُ وَالظُّهْرُ كَالْكَفَّارَةِ الْوَاجِبُ أَحَدُ الْأُمُورِ (فَإِنْ قُلْتَ) إنَّ كَلَامَهُ لَا يُفْهِمُ إلَّا نَفْيَ الْوُجُوبِ عَنْ أَضْدَادِهَا عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَلَزِمَتْ الْحُرَّ. . . إلَخْ أَيْ عَيْنًا احْتِرَازًا مِنْ الْعَبْدِ فَلَيْسَتْ وَاجِبَةً عَيْنًا فَكَيْفَ يَقُولُ ذَلِكَ؟ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَنْظُورٌ فِيهِ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَيْ لَزِمَتْ الْحُرَّ لَا الْعَبْدَ فَلَا يَلْزَمُهُ فَإِنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ الْإِطْلَاقُ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ نَفْيَ الْوُجُوبِ الْعَيْنِيِّ (قَوْلُهُ: وَلِلْقَرَافِيِّ هُنَا كَلَامٌ. . . إلَخْ) وَنَصُّهُ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ النَّفْلِ عَنْ الْفَرْضِ فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ اللُّزُومِ الْعَيْنِيِّ وَبَقَاءُ الْوُجُوبِ الْمُخَيَّرِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ مَثَلًا إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ وَالْخِيَرَةُ لَهُ فِي التَّعْيِينِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالتَّعْيِينِ فَقَطْ، وَالْحُرُّ مَفْرُوضٌ عَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ إجْزَاءِ النَّفْلِ عَنْ الْفَرْضِ وَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ مِنْ التَّخْيِيرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ مُتَسَاوِيَيْنِ اهـ.

وَالظُّهْرُ وَالْجُمُعَةُ لَيْسَا بِمُتَسَاوِيَيْنِ إذْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ لَا الْجُمُعَةُ إذْ لَا إثْمَ عَلَيْهِمْ فِي تَرْكِهَا بِخِلَافِ الظُّهْرِ أَقُولُ: وَلَا إثْمَ فِي تَرْكِ أَحَدِ أَفْرَادِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015