وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْقَامُوسِ جَوَازُ الْمَدِّ وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَحْمِيِّ فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُبَاحِ وَتَثْنِيَتُهُ حِمَيَانِ وَحَكَى الْبِسَاطِيُّ أَنَّهُ سُمِعَ فِي تَثْنِيَتِهِ حَمَوَانِ بِالْوَاوِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يَائِيٌّ وَأَصْلُ الْحِمَى عِنْدَ الْعَرَبِ أَنَّ الرَّئِيسَ مِنْهُمْ كَانَ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا مُخَصَّبًا اسْتَعْوَى كَلْبًا عَلَى مَكَان عَالٍ فَحَيْثُ انْتَهَى صَوْتُهُ حَمَاهُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَلَا يَرْعَى فِيهِ غَيْرُهُ وَيَرْعَى هُوَ مَعَ غَيْرِهِ فِيمَا سِوَاهُ، وَأَمَّا الْحِمَى الشَّرْعِيُّ فَهُوَ أَنْ يَحْمِيَ الْإِمَامُ مَوْضِعًا لَا يَقَعُ بِهِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ.

(ص) وَافْتَقَرَ لِإِذْنٍ وَإِنْ مُسْلِمًا إنْ قَرُبَ وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ إمْضَاؤُهُ أَوْ جَعْلُهُ مُتَعَدِّيًا بِخِلَافِ الْبَعِيدِ وَلَوْ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ (ش) فَاعِلُ افْتَقَرَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُحْيِي أَوْ عَلَى الْمَوَاتِ أَوْ عَلَى الْإِحْيَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحْيِيَ الْمُسْلِمَ يَفْتَقِرُ لِإِذْنِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْإِحْيَاءُ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَالْمَنْصُوصُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْيَاءُ فِيهِ وَلَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فَإِنْ تَعَدَّى الْمُسْلِمُ وَأَحْيَا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ فَيُخَيَّرُ فِيهِ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ مُتَعَدِّيًا فَيُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا بَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ مَقْلُوعًا وَيُثْبِتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ يُعْطِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ أَصْلَهُ مُبَاحٌ، فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقَعُ الْإِحْيَاءُ فِيهِ بَعِيدًا مِنْ الْعُمْرَانِ فَإِنَّ الْمُحْيِيَ لَا يَفْتَقِرُ فِي إحْيَائِهِ فِيهِ لِإِذْنٍ وَلَوْ كَافِرًا حَيْثُ كَانَ الْمَوْضِعُ الْمُحْيَا بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ الْمُتَقَدِّمِ تَفْسِيرُهَا فِي بَابِ الْجِزْيَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ» فِي رِوَايَةِ عِيسَى هِيَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ وَمَا وَالَاهَا قَالَ ابْنُ دِينَارٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْجَزْرِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ وَمِنْهُ الْجَزَّارُ لِقَطْعِهِ الْحَيَوَانَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْ وَسَطِهَا إلَى أَجْنَابِهَا؛ لِأَنَّ الْبَحْرَ مُحِيطٌ بِهَا مِنْ جِهَاتِهَا الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ الْمَغْرِبُ وَالْجَنُوبُ وَالْمَشْرِقُ فَفِي مَغْرِبِهَا جَدَّةُ وَالْقُلْزُمُ وَفِي جَنُوبِهَا بَحْرُ الْهِنْدِ وَفِي مَشْرِقِهَا خَلِيجُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ وَالْبَصْرَةُ وَأَرْضُ فَارِسٍ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَافْتَقَرَ رَجَّعَهُ ابْنُ غَازِيٍّ لِلْمَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ وَلَمْ يُرَجِّعْهُ لِلْإِحْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَذْكُورًا وَأَمَّا الْإِحْيَاءُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِإِحْيَاءٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مُخْرَجٌ وَجَعَلَهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: إحْيَاءِ الْمَوَاتِ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَابَ مَعْقُودٌ لِلْإِحْيَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ مُسْلِمًا يَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْوَاوِ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُحْيِي بِإِذْنِ الْإِمَامِ فِي الْقَرِيبِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ.

وَلِمَا قُدِّمَ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الِاخْتِصَاصِ الْإِحْيَاءَ وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِأَحَدَ عَشَرَةَ أُمُورٌ مِنْهَا سَبْعَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْمُؤَلِّفِ ذَلِكَ وَذَكَرَ جَمِيعَهَا عَاطِفًا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ السَّبْعَةِ مَجْرُورٌ بِالْبَاءِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهَا فَهُوَ مَعَ مَا قَبْلَهُ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا مُخْرِجًا لَهَا بِلَا فَقَالَ (ص) وَالْإِحْيَاءُ بِتَفْجِيرِ مَاءٍ وَبِإِخْرَاجِهِ وَبِبِنَاءٍ وَبِغَرْسٍ وَبِحَرْثٍ وَتَحْرِيكِ أَرْضٍ وَبِقَطْعِ شَجَرِهَا وَبِكَسْرِ حَجَرِهَا وَتَسْوِيَتِهَا لَا بِتَحْوِيطٍ وَرَعْيِ كَلَإٍ وَحَفْرِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا فَجَّرَ الْمَاءَ أَيْ بِأَنْ حَفَرَ بِئْرًا مَثَلًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إحْيَاءً لِلْبِئْرِ وَلِلْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِإِخْرَاجِ الْمَاءِ أَيْ: إزَالَتِهِ عَنْهَا لَا بِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا وَإِلَّا فَهُوَ مَا قَبْلَهُ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ تَفْجِيرُ مَاءٍ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِبِنَاءٍ فِيهَا، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِغَرْسٍ فِيهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ أَمْ لَا وَفِي الْجَوَاهِرِ اشْتِرَاطُ الْعَظَمَةِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِحَرْثِ الْأَرْضِ مَعَ تَحْرِيكِهَا وَالْحَرْثُ الشَّقُّ وَالتَّحْرِيكُ التَّقْلِيبُ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْتَغْنَ بِالتَّحْرِيكِ عَنْ الْحَرْثِ وَإِنْ كَانَ التَّحْرِيكُ أَعَمَّ؛ لِأَنَّ الْحَرْثَ هُوَ الْوَاقِعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ فَنُصَّ عَلَى التَّحْرِيكِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ خَاصًّا بِالْحَرْثِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّحْرِيكِ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَاتِهِمْ وَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تَقْتَضِي أَنَّ الزَّرْعَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِ أَرْضٍ لَا يَكُونُ إحْيَاءً وَإِنْ اخْتَصَّ بِهِ صَاحِبُهُ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِقَطْعِ شَجَرِ الْأَرْضِ وَلَوْ قَالَ وَبِإِزَالَةِ شَجَرٍ لَكَانَ أَشْمَلَ لِيَشْمَلَ حَرْقَهُ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْإِحْيَاءُ بِكَسْرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَحْمِيِّ فَهُوَ مَصْدَرٌ) كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ وَقَدْ جَعَلْنَا قَوْلَهُ مُحْتَاجًا مَفْعُولًا لَهُ فَجَعْلُ مُحْتَاجًا مَفْعُولًا لِحِمًى يَقْتَضِي أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ هَذَا وَقَدْ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ حَمَاهُ يَحْمِيهِ حِمَايَةً دَفَعَ عَنْهُ فَجُعِلَ الْمَصْدَرُ حِمَايَةً لَا حِمًى.

(قَوْلُهُ يَعُودُ عَلَى الْمُحْيِي) وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِاعْتِبَارِ إحْيَائِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمَوَاتِ (قَوْلُهُ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ) حَدُّ الْقَرِيبِ مَا تَلْحَقُهُ الْمَاشِيَةُ بِالرَّعْيِ فِي غُدُوِّهَا وَرَوَاحِهَا وَهُوَ مَسْرَحٌ وَمُحْتَطَبٌ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى الْيَوْمِ وَمَا قَارَبَهُ وَمَا لَا تُدْرِكُهُ الْمَوَاشِي فِي غُدُوِّهَا وَرَوَاحِهَا فَهُوَ فِي الْبَعِيدِ (قَوْلُهُ جُدَّةُ) بِالضَّمِّ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ: بَحْرُ جُدَّةَ وَالْقُلْزُمَ وَهُوَ بَحْرٌ وَاحِدٌ الْمُسَمَّى بِبَحْرِ السُّوَيْسِ (قَوْلُهُ عُمَانَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ: مَعَ التَّنْوِينِ، وَأَمَّا عَمَّانُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ فَهِيَ قَرْيَةٌ بِنَاحِيَةِ الشَّامِ (قَوْلُهُ وَالْبَحْرَيْنِ) اسْمُ بَلَدٍ (قَوْلُهُ بِأَحَدِ عَشَرَةِ أُمُورٍ) أَيْ: بِوَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةِ أُمُورٍ (قَوْلُهُ بِغَيْرِهَا) أَيْ: بِغَيْرِ مُصَاحَبَةِ الْبَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عُطِفَ بِغَيْرِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ.

(قَوْلُهُ حَفَرَ بِئْرًا مَثَلًا) أَيْ: أَوْ عَيْنًا (قَوْلُهُ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِحْيَاءَ هُوَ تَفْجِيرُ مَاءٍ وَمَا عَطْفٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ تَعْمِيرُ دَاثِرِ الْأَرْضِ وَهَذِهِ جُزْئِيَّاتٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَفِي الْجَوَاهِرِ اشْتِرَاطُ الْعَظَمَةِ) كَذَا فِي غَيْرِهِ أَقُولُ سُكُوتُهُمْ عَنْ كَوْنِ ظَاهِرِ الْمُصَنَّفِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَةِ الْجَوَاهِرِ يُؤْذِنُ بِعَدَمِ ارْتِضَاءِ ذَلِكَ الْقَيْدِ أَوْ التَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ مَعَ تَحْرِيكِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَأَنَّ الْحَرْثَ غَيْرُ التَّحْرِيكِ وَهُوَ مُفَادُ عب فَإِنَّهُ جَعَلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015