فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ مِثْلَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّقِيقَ يَفُوت بِالْعَجْنِ وَالْعَجِينَ بِالْخَبْزِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ جَعْلُ الطَّحْنِ هُنَا نَاقِلًا وَلَمْ يَجْعَلُوا فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ الطَّحْنَ نَاقِلًا كَالْعَجْنِ فَمَنَعُوا التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا لِلرِّبَا وَهُنَا احْتَاطُوا لِلْغَاصِبِ فَلَمْ يُضَيِّعُوا كُلْفَةَ طَحْنِهِ وَهُوَ وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ الْحُبُوبِ فَزَرَعَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِصَاحِبِهِ مِثْلُهُ.
(ص) وَبِيضٍ أُفْرِخَ إلَّا مَا بَاضَ إنْ حَضَنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَتِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَجَاجَةٌ فَعَلَيْهِ بَيْضَةٌ مِثْلُهَا وَالدَّجَاجَةُ لِلْغَاصِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ غَصَبَ مَا يَبِيضُ مِنْ دَجَاجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَبَاضَتْ وَحَضَنَتْ بِيضَهَا فَإِنَّ الدَّجَاجَةَ وَالْفَرَارِيجَ لِمُسْتَحِقِّهَا كَمَا لَوْ وَلَدَتْ فَلَوْ حَضَنَ بِيضَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ غَيْرِهَا أَوْ حَضَنَ تَحْتَهَا غَيْرَ بَيْضِهَا فَلَا شَيْءَ مِنْ الْفَرَارِيجِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَجَاجَتُهُ وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا فِيمَا حَضَنَتْهُ مِنْ بَيْضِ غَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا بَاضَتْ عِنْدَهُ أَوْ بَاضَتْ عِنْدَ رَبِّهَا وَغَصَبَهَا وَبَيْضَهَا وَحَضَنَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي النَّصِّ فَبَاضَتْ عِنْدَهُ فَالتَّقْيِيدُ بِالظَّرْفِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ
(ص) وَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ وَإِنْ تَخَلَّلَ خُيِّرَ كَتَخَلُّلِهَا لِذِمِّيٍّ وَتَعَيَّنَ لِغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ مِنْ شَخْصٍ عَصِيرًا وَهُوَ مَاءُ الْعِنَبِ فَصَارَ خَمْرًا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِصَاحِبِهِ بِمِثْلِهِ إنْ عُلِمَ كَيْلُهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِذِمِّيٍّ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَمْرَ فَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يُخَيَّرَ كَمَا إذَا تَخَلَّلَ خَمْرُهُ وَإِنْ خَلَّلَ الْعَصِيرَ فَإِنَّ رَبَّهُ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ مِثْلِهِ أَوْ أَخْذِهِ خَلًّا إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَإِنْ خُلِّلَتْ الْخَمْرُ وَكَانَتْ لِذِمِّيٍّ خُيِّرَ فِي أَخْذِ الْخَلِّ أَوْ قِيمَةِ الْخَمْرِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَيُقَوِّمُهَا مَنْ يَعْرِفُ قِيمَتَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَرُدَّ الْخَلَّ لَهُ وَسَوَاءٌ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا أَمْ لَا فَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلذِّمِّيِّ بِوَصْفِ الْكُفْرِ لَا بِوَصْفِ كَوْنِهِ ذِمِّيًّا وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ وَالْحَرْبِيَّ كَالْمُسْلِمِ فِي تَعَيُّنِ أَخْذِ الْخَلِّ مَعَ أَنَّ مَنْ ذُكِرَ كَالذِّمِّيِّ فِي التَّخْيِيرِ كَمَا مَرَّ.
(ص) وَإِنْ صَنَعَ كَغَزْلٍ وَحَلْيٍ (ش) وَالْمَعْنَى عَلَى جَمِيعِ النُّسَخِ الْآتِي بَيَانُهَا أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ يَوْمَ غَصْبِهِ كَانَ مُقَوَّمًا أَصَالَةً أَوْ مِثْلِيًّا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ قَوِيَّةٌ كَغَزْلٍ وَحَلْيٍ، وَأَمَّا الصَّنْعَةُ الضَّعِيفَةُ فَلَغْوٌ كَصَنْعَةِ الْفُلُوسِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ لَا فُلُوسٌ وَبِعِبَارَةٍ اعْلَمْ أَنَّ الْغَزْلَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُوزَنُ لَكِنَّ أَصْلَهُ وَهُوَ الْكَتَّانُ مِثْلِيٌّ وَالْمِثْلِيُّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ فَقَوْلُهُمْ الْمِثْلِيُّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ أَوْ عَدَدٌ وَلَمْ تَتَفَاوَتْ أَفْرَادُهُ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مِثْلِيًّا وَدَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقَوَّمٌ وَاعْلَمْ أَنَّ نُسْخَةَ ضَيَّعَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَوْلَى مِنْ صَنَعَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ لِإِفَادَةِ الْأَوْلَى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ الْغَزْلَ أَوْ الْحُلِيَّ فَضَاعَا عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا صَنْعَةً وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتُوهِمُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُمَا إنْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا صَنْعَةً.
(ص) وَغَيْرَ مِثْلِيٍّ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ كَحَيَوَانٍ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمِ غَصْبِهِ أَيْ أَنَّ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ الْمَصْنُوعِ فِي حُكْمِهِ وَعَطْفُهُ عَلَى مَا مَرَّ يَقْتَضِي أَنَّ مَا مَرَّ مِثْلِيٌّ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ مِثْلِيٌّ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ لَكِنْ لَهُ حُكْمُ الْمُقَوَّمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ صَنَعَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَبِالرَّفْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ) أَيْ الذَّاتُ الْمَغْصُوبَةُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا دَجَاجَةً (قَوْلُهُ أَوْ حَضَنَ تَحْتَهَا غَيْرَ بَيْضِهَا) قَضِيَّتُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْضُ لِمَالِكِ الدَّجَاجَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْفِرَاخُ لِمَالِكِ الدَّجَاجَةِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَعَبِهِ فِيهَا فَإِنْ كَانَا لِشَخْصَيْنِ فَلِرَبِّ الْبَيْضِ مِثْلُهُ وَلِرَبِّ الدَّجَاجَةِ دَجَاجَتُهُ وَكِرَاءِ مِثْلِهَا فِي حَضْنِهَا وَمَا نَقَصَهَا إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا كِرَاءَ وَبَيْنَ أَخْذِهَا مَعَ كِرَاءِ الْحِضْنِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ إنْ حَضَنَ مَا اسْتَقَلَّ بِالْحَضْنِ أَوْ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَحَضَنَ مَعَ أُنْثَى عِنْدَ الْغَاصِبِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كِرَاؤُهُ وَانْظُرْ لَوْ غَصَبَ حَمَامَةً مِنْ رَجُلٍ وَذَكَرًا مِنْ آخَرَ وَبَاضَتْ وَشَارَكَهَا الذَّكَرُ فِي الْحَضْنِ وَأَفْرَخَ فَهَلْ عَلَى رَبِّ الْحَمَامَةِ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ حَضْنِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ فِي النَّصِّ) أَيْ نَصِّ أَشْهَبَ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَيْ قَوْلُ أَشْهَبَ
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ خُيِّرَ) أَيْ تَخَلَّلَ الْعَصِيرُ ابْتِدَاءً وَكَذَا بَعْدَ تَخَمُّرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب.
(تَنْبِيهٌ) : أَشْعَرَ تَخْصِيصُهُ الْخَمْرَ بِأَنَّ الْمَلَاهِيَ لَوْ كَسَرَهَا أَوْ غَيَّرَهَا عَنْ حَالِهَا لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ
(قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى عَلَى جَمِيعِ النُّسَخِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُمَا نُسْخَتَانِ ضَيَّعَ وَصَنَعَ وَالْمُتَبَادِرُ أَكْثَرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَاحَظَ اعْتِبَارَ قِرَاءَتِهِمَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ النَّائِبِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى عَلَى النُّسْخَتَيْنِ أَمَّا نُسْخَةُ ضَيَّعَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَالْأَمْرُ فِيهَا ظَاهِرٌ وَأَمَّا نُسْخَةُ صَنَعَ فَتُفِيدُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الْغَزْلِ وَالْحُلِيِّ إذَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا صَنْعَةً مَعَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الصَّنْعَةُ الضَّعِيفَةُ فَلَغْوٌ) أَيْ لَيْسَ نَاقِلًا عَنْ الْمِثْلِيَّاتِ إلَى الْمُقَوَّمَاتِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُفِيتُ عَلَى رَبِّهِ فَيَضْمَنُ مِثْلَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي نَقْلِهِ عَنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي فَوَاتِهِ عَلَى رَبِّهِ فَلَا تَنَافِيَ وَإِنَّ تَفْوِيتَهُ عَلَى رَبِّهِ يَحْصُلُ بِأَيِّ صَنْعَةٍ كَانَتْ وَأَمَّا نَقْلُهُ إلَى الْمُقَوَّمَاتِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالصَّنْعَةِ الْقَوِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الصَّنْعَةُ قَوِيَّةً احْتِرَازًا عَنْ صَنْعَةِ الْفُلُوسِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ لَا فُلُوسٍ (قَوْلُهُ فَتُوهِمُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُمَا إنْ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا صَنْعَةً) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ ضَاعَ مَعَ أَنَّهُ إذَا ضَاعَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صَنْعَةً فِيهِ الْقِيمَةُ لَا الْمِثْلُ أَيْ وَيُوهِمُ أَنَّ الْغَزْلَ وَالْحَلْيَ أَحْدَثَ فِيهِمَا صَنْعَةً مَعَ أَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ غَصَبَ الْغَزْلَ وَالْحُلِيَّ وَأَتْلَفَهُ