ص) وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ وَمَالُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَفْقُودَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَوْ كَانَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ فَأَرَادَتْ أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى الْحَاكِمِ لِيَضْرِبَ لَهَا الْأَجَلَ كَزَوْجَتِهِ فَإِنَّهَا لَا تُجَابُ لِذَلِكَ وَتَسْتَمِرُّ بَاقِيَةً حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ أَوْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ مَا لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهِ وَهُوَ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ كَمَا يَأْتِي وَكَذَلِكَ يُوقَفُ مَالُهُ إلَى التَّعْمِيرِ فَيُورَثُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ بِشَكٍّ وَيُقَسَّمُ عَلَى وَرَثَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ لَا يَوْمَ فَقْدِهِ وَلَا يَوْمَ بُلُوغِهِ سِنَّ التَّعْمِيرِ وَعَطْفُ الْمَالِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَإِنَّ أُمَّ الْوَلَدِ مَالٌ أَيْضًا.
(ص) وَزَوْجَةُ الْأَسِيرِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تُوقَفُ زَوْجَةُ الْأَسِيرِ الَّتِي تَرَكَ لَهَا مَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَلَا شَرْطَ لَهَا وَأَوْلَى مَا لَهُ إلَى التَّعْمِيرِ فَتَعْتَدُّ حِينَئِذٍ عِدَّةَ الْوَفَاةِ كَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْرِبْ الْإِمَامُ لِزَوْجَةِ الْأَسِيرِ أَجَلًا؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ لَا يَصِلُ الْإِمَامُ إلَى الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ وَالْفَحْصِ عَنْ خَبَرِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْمَفْقُودِ ثُمَّ إنَّهُ يُنْفَقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى رَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ وَلَا يُنْفَقُ مِنْهُ عَلَى أَبَوَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَضَى بِذَلِكَ قَاضٍ قَبْلَ الْفَقْدِ.
(ص) وَمَفْقُودُ أَرْضِ الشِّرْكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَفْقُودَ فِي أَرْضِ الشِّرْكِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَسِيرِ لَا تَتَزَوَّجُ زَوْجَتُهُ وَلَا يُقَسَّمُ مَالُهُ وَلَا تَعْتِقُ أُمُّ وَلَدِهِ إلَّا إذَا صَحَّ مَوْتُهُ أَوْ يَمْضِي عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَنِ مَا لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهِ فَقَوْلُهُ (لِلتَّعْمِيرِ) عَائِدٌ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ وَمَا بَعْدَهَا (ص) وَهُوَ سَبْعُونَ وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ ثَمَانِينَ وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ (ش) الضَّمِيرُ فِي وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى التَّعْمِيرِ أَيْ مُدَّتِهِ أَيْ أَنَّ نِهَايَتَهُ سَبْعُونَ عَامًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ أَيْضًا أَنَّهُ ثَمَانُونَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي بْنُ السَّلِيمِ وَابْنُ زَرْبٍ وَغَيْرُهُ كَانُوا يَحْكُمُونَ بِأَنَّ حَدَّ التَّعْمِيرِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ عَامًا وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السَّبْعِينَ دَقَّاقَةَ الْأَعْنَاقِ وَلَعَلَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ الْأَوَّلُ وَلِهَذَا لَمْ يَحْكِهَا أَقْوَالًا جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ (ص) فَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ فَالْأَقَلُّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا اخْتَلَفَتْ شَهَادَتُهَا فِي قَدْرِ سِنِّ الْمَفْقُودِ حِينَ فُقِدَ فَقَالَتْ بَيِّنَةٌ فُقِدَ وَسِنُّهُ كَذَا وَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى بَلْ فُقِدَ وَسِنُّهُ بِأَزْيَدَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي شَهِدَتْ بِالْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِجِهَةِ الْمَفْقُودِ كَمَا قَالُوا فِي الْأَسِيرِ إذَا تَنَصَّرَ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ تَنَصَّرَ طَائِعًا وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهُ تَنَصَّرَ مُكْرَهًا أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِكْرَاهِ مُقَدَّمَةٌ لِلِاحْتِيَاطِ فِي إخْرَاجِ مَالِهِ عَنْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَجَلِ مِنْ بَعْدِ الْيَأْسِ أَمْ يُجْزِئُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ الْأَوَّلِ فَذَكَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ عَنْ ابْنِ الْفَخَارِ أَنَّهُ رَأَى لِمَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَسْتَأْنِفُ لَهُنَّ ضَرْبًا وَقَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْقَرَوِيِّينَ قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُنَّ وَضَرْبُ الْإِمَامِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ كَضَرْبِهِ لِجَمِيعِهِنَّ كَمَا أَنَّ تَفْلِيسَهُ لِلْمِدْيَانِ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ تَفْلِيسٌ لِجَمِيعِهِمْ.
(قَوْلُهُ وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ) فَتَبْقَى بِغَيْرِ عِتْقٍ لِلتَّعْمِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ تُنْفِقُ مِنْهُ وَإِلَّا نَجَّزَ عِتْقَهَا وَحَلَّتْ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ أَنْ تُثْبِتَ أُمُومَةَ الْوَلَدِ وَغَيْبَةَ السَّيِّدِ وَعَدَمَ إمْكَانِ الْأَعْذَارِ فِيهَا وَعَدَمَ النَّفَقَةِ وَمَا يُعَدَّى فِيهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا.
(قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ سِنَّ التَّعْمِيرِ.
(قَوْلُهُ لَا يَوْمَ فَقْدِهِ) مَا لَمْ تُثْبِتْ مَوْتَهُ يَوْمَ فَقْدِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَإِنْ ثَبَتَ قَسَّمَ حِينَ ثُبُوتِهِ فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ فَإِنَّ الْقَسْمَ لَا يَمْضِي وَيَرْجِعُ لَهُ مَتَاعُهُ
(قَوْلُهُ وَمَفْقُودُ أَرْضِ الشِّرْكِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ الْبَقَاءِ لِلزَّوْجِيَّةِ لِلتَّعْمِيرِ فِي الْأَسِيرِ وَمَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهُمَا وَإِلَّا طَلَقَتَا وَخَشْيَةُ الزِّنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِتَسَلُّفٍ أَوْ سُؤَالٍ وَلَا كَذَلِكَ الْوَطْءُ فَإِنْ جَاءَ كُلٌّ بَعْدَ قَسْمِ تَرِكَتِهِ لَمْ يَمْضِ الْقَسْمُ وَرَجَعَ لَهُ مَتَاعُهُ فَإِنْ شُكَّ فِي فَقْدِهِ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفْرِ فَيَنْبَغِي كَالْكُفْرِ احْتِيَاطًا فِي زَوْجَتِهِ وَمَالِهِ.
(قَوْلُهُ لِلتَّعْمِيرِ) أَيْ لِلْحَكَمِ بِالتَّعْمِيرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ فَالْأَقَلُّ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ إرْثِهِ وَارِثُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِتَمْوِيتِهِ لَا يَوْمَ بُلُوغِهِ سِنَّ تَمْوِيتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ سَبْعُونَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(فَائِدَةٌ)
الْأَخَوَانِ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَخَوَانِ فِي الْعِلْمِ وَالْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَالْمُحَمَّدَانِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَالْإِمَامُ لِلْمَازِرِيِّ وَالصِّقِلِّيَّانِ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَالْقَاضِيَانِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَإِسْمَاعِيلُ وَالشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي اصْطِلَاحِهِ وَأَمَّا بَهْرَامُ فَيَقُولُ الشَّيْخُ فَمُرَادُهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ شَيْخُهُ وَأَمَّا اصْطِلَاحُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ فَيُشِيرُ بِعْ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَ (هـ) لِابْنِ هَارُونَ وَ (ر) لِابْنِ رَاشِدٍ وَ (خ) لِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ ابْنُ السَّلِيمِ) بِفَتْحِ السِّينِ بِضَبْطِ بَعْضِ شُيُوخِنَا.
(قَوْلُهُ دَقَّاقَةَ الْأَعْنَاقِ) كِنَايَةٌ عَنْ ضَعْفِ الْحَالِ.
(قَوْلُهُ وَسِنُّهُ بِأَزْيَدَ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ (أَقُولُ) بَقِيَ مَنْ يُفْقَدُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ أَجَابَ أَبُو عِمْرَانَ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ عَشْرُ سِنِينَ وَكَذَلِكَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً فَإِنَّمَا يُضْرَبُ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ ابْنَ مِائَةٍ اُجْتُهِدَ فِيمَا يُضْرَبُ لَهُ وَسَكَتَ عَمَّنْ غَابَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ سِنَّ التَّعْمِيرِ وَكَذَلِكَ سَكَتَ أَيْضًا عَمَّنْ غَابَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ سِنُّ التَّعْمِيرِ وَذَكَرَ تت وَغَيْرُهُ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الثَّانِي أَنَّهُ يُزَادُ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ ابْنَ سَبْعِينَ أَوْ تِسْعِينَ يُنْظَرُ إلَى حَالِهِ مِنْ قُوَّةٍ وَضَعْفٍ يَوْمَ فَقْدِهِ فَقَدْ يَكُونُ صَحِيحَ الْبِنْيَةِ مُجْتَمِعَ الْقُوَى وَعَكْسُهُ فَيُعْتَبَرُ فِي الزِّيَادَةِ حَالُهُ فَيُزَادُ بِحَسَبِهِ انْتَهَى وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي ابْنِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَابْنِ الثَّمَانِينَ أَوْ أَكْثَرَ (أَقُولُ) وَهُوَ الظَّاهِرُ