هَذِهِ ثَانِيَتُهَا مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ تُسَمَّى عَمْرَةَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهَا فَقَالَ عَمْرَةُ طَالِقٌ وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ امْرَأَةً لَهُ غَائِبَةً تُسَمَّى عَمْرَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فَإِذَا طَلَقَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْحَاضِرَةُ وَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الثَّانِي ثُمَّ أَنَّهُ أَثْبَتَ حِينَ حَلِفِهِ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً غَائِبَةً غَيْرَ هَذِهِ تُسَمَّى عَمْرَةَ فَإِنَّ هَذِهِ لَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَتُرَدُّ إلَيْهِ ثَالِثَتُهَا، شَخْصٌ فِي عِصْمَتِهِ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ ثُمَّ إنَّهُ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ أَنْ يُزَوِّجَاهُ فَزَوَّجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِامْرَأَةٍ وَسَبَقَ عَقْدُ أَحَدِهِمَا عَقْدَ الْآخَرِ فَفَسَخْنَا عَقْدَ الْأُولَى مِنْهُمَا ظَنًّا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ وَهِيَ صَاحِبَةُ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهَا لَا تَفُوتُ عَلَى مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ بِدُخُولِ الثَّانِي وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّتِي كَانَ أَبْقَاهَا وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ نِكَاحِهَا وَلَوْ دَخَلَ بِهَا.
وَلَيْسَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيهَا رَابِعَتُهَا مَنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا لِأَجْلِ عَدَمِ النَّفَقَةِ بِأَنْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا مَثَلًا ثُمَّ اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ أَثْبَتَ زَوْجُهَا أَنَّ نَفَقَتَهَا سَاقِطَةٌ بِأَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَرْسَلَ بِهَا إلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ خَامِسَتُهَا إحْدَى الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَاتِ بِقَوْلِهِ وَذَاتُ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ الْمُقَرَّرَةِ لَهَا مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا الْمَفْقُودِ وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَأَحْرَى لَوْ تَزَوَّجَتْ فِي الْأَجَلِ فَفُسِخَ نِكَاحُهَا ثُمَّ إنَّهَا اُسْتُبْرِئَتْ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ عِدَّتَهَا كَانَتْ انْقَضَتْ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ قَبْلَ نِكَاحِ الثَّانِي فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى الزَّوْجِ الثَّانِي وَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الزَّوْجِ الثَّالِثِ أَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ لِزَوْجِهَا الْمَفْقُودِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ إلَّا بِقَوْلِهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَفَسَخْنَا نِكَاحَهَا.
ثُمَّ إنَّهَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ لِثُبُوتِ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ قَبْلَهُ فَإِنَّهَا لَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّالِثِ وَتُرَدُّ إلَى الثَّانِي لِظُهُورِ صِحَّتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ دَعْوَاهَا الْمَوْتَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ أَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ شَخْصٍ غَائِبٍ بِشَهَادَةِ شَخْصَيْنِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ عَلَى مَوْتِهِ فَيُفْسَخُ لِعَدَمِ عَدَالَةِ شُهُودِ الْمَوْتِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثَالِثًا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَدَخَلَ بِهَا الثَّالِثُ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتَزَوِّجِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلَيْنِ كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ لِكَوْنِ الْعُدُولِ أَرَّخُوا مَوْتَهُ بِتَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ تَنْقَضِي فِيهِ عِدَّتُهَا قَبْلَ نِكَاحِهِ فَتُرَدُّ إلَيْهِ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّالِثِ بِهَا فَقَوْلُهُ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولٍ جَوَابُ أَمَّا وَقَوْلُ الشَّارِحِ خَبَرٌ مُرَادُهُ بِالْخَبَرِ مَا تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ وَهُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ لَا يُفِيتُهُمَا الدُّخُولُ أَيْضًا اُنْظُرْهُمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.
(ص) وَالضَّرْبُ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ وَإِنْ أَبَيْنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَامَ مِنْ نِسَائِهِ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ لِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ لِلثَّانِيَةِ أَجَلٌ مُسْتَأْنَفٌ بَلْ يَكْفِي أَجَلُ الْأُولَى وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَامَتْ مِنْ نِسَائِهِ فَضَرَبَ لَهَا الْأَجَلَ ثُمَّ اعْتَدَّتْ أَنَّ الْعِدَّةَ تَلْزَمُ الْبَاقِي وَتَنْقَطِعُ عَنْهُنَّ النَّفَقَةُ وَلَوْ اخْتَرْنَ الْمُقَامَ مَعَهُ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ أَثْبَتَ حِينَ حَلِفِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ حِينَ حَلِفِهِ فَيَقُولَ ثُمَّ أَثْبَتَ بَعْدُ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً حِينَ حَلِفِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُثْبِتُ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا قَصَدَ إلَّا الْغَائِبَةَ فَالْحَلِفُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْإِثْبَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ أَثْبَتَ زَوْجُهَا إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ إسْقَاطَ الْمَرْأَةِ نَفَقَتَهَا عَنْ زَوْجِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَازِمٌ لَهَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَلَهَا الرُّجُوعُ فِيهَا وَقَبِلَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَأَمَّا لَوْ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا بِسَبَبِ عِلْمِهَا حِينَ تَزَوَّجَتْهُ أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ فَإِنَّ هَذِهِ لَا تَفُوتُ بِدُخُولِهِ أَيْضًا وَلَوْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ لِزَوْجِهَا الْمَفْقُودِ) هَذِهِ لَا تَخْتَصُّ بِالْمَفْقُودِ بَلْ تَأْتِي فِي الَّتِي زَوْجُهَا غَائِبٌ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ) أَيْ بِظُهُورِ مَوْتِهِ.
(قَوْلُهُ غَيْرِ عَدْلَيْنِ) فِي شَرْحِ شب وَمَفْهُومُ غَيْرِ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا تَزَوُّجُهَا ثَالِثًا؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي لَا يُفْسَخُ بَلْ تَسْتَمِرُّ لَهُ زَوْجَةً انْتَهَى وَهُوَ لَا يُخَالِفُ مَا فِي شَرْحِ عب فَإِنَّهُ قَالَ وَمِثْلُ الْمَنْعِيِّ لَهَا مَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِهِ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِي الِاسْتِلْحَاقِ كَمَشْهُودٍ بِمَوْتِهِ إلَخْ وَصَوَابُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَقَوْلُهُ فِي الشَّهَادَاتِ وَنُقِضَ إنْ ثَبَتَ كَذِبُهُ وَهَذَا لَا يُسَمَّى بِالْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا قَالَهُ عج إلَّا أَنْ يُقَالَ يُسَمَّى نَظَرًا لِمَا تَبَيَّنَ مِنْ حَيَاتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ) : الْأُولَى: إذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ النَّصْرَانِيِّ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فِي الْعِدَّةِ كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ مِنْ الثَّانِي قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ. الثَّانِيَةُ: الْأَسِيرُ يَتَنَصَّرُ وَلَا يُدْرَى كَانَ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ ثُمَّ يَقْدُمُ وَيُثْبِتُ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا فَإِنَّهَا تُرَدُّ وَإِنْ دُخِلَ بِهَا إلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ فَتَرْكُ الْمُصَنِّفِ لِهَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَفُوتُ فِيهَا بِالدُّخُولِ مُوَافِقٌ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَيْنَ) أَيْ مِنْ كَوْنِ الضَّرْبِ لِمَنْ قَامَتْ ضَرْبًا لَهُنَّ وَطَلَبْنَ الْقِيَامَ وَضَرْبًا آخَرَ فَلَا يَحْتَاجُ مِنْ طَلَبٍ الْآنَ لِضَرْبٍ حَتَّى أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَحْتَاجُ لِعِدَّةٍ بَلْ تَتَزَوَّجُ إنْ أَحَبَّتْ وَإِنْ كَانَتْ امْتَنَعَتْ حِينَ ضَرْبِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَشْفَ وَالضَّرْبَ لِلْأَجَلِ وَالْعِدَّةِ لِوَاحِدَةٍ كَشْفٌ وَضَرْبٌ وَعِدَّةٌ لَبَقِيَّتِهِنَّ.
(قَوْلُهُ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ) وَنَصُّ الْمُتَيْطِيِّ وَلَوْ كَانَ لَهُ نِسَاءٌ سِوَاهَا فَقُمْنَ فِي خِلَالِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ فَطَلَبْنَ مَا طَلَبَتْهُ مِنْ الْفِرَاقِ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ الْإِمَامُ الْفَحْصَ عَنْهُ لَهُنَّ وَإِعَادَةَ ضَرْبِ