الصوم، ويحصل به من كفران النعمة مثل ما فعله بالجماع، وذلك أن نعمة الله على الآكل في تمكينه من الأكل، أعظم من نعمته عليه في تمكينه من الجماع؛ لأن في فقد الأكل تلف النفس، وليس في فقد الجماع أكثر من فقده لذته، فهو يستحق لا محالة بترك الأكل في الصوم من الثواب، أكثر مما يستحقه بترك الجماع، فكان بإفساده للصوم بالأكل مبطلا لما كان يستحقه من الثواب، فبان بذلك أن المفطر بالأكل أعظم مأثما من المفطر بالجماع.

فلما كانت هذه الكفارة متعلقة بالمأثم، وكان مأثم الأكل مثل مأثم الجماع، وجب أن يكون عليه من الكفارة مثل ما على المجامع، فكان اعتبار ذلك أولى من اعتبار الإيلاج في أحد السبيلين، إذ لم يكن لذلك تأثير في جهة المأثم ليس لغيره.

وهو أولى من اعتبار الإفطار لغير عذر أيضا، من قبل أن مأثم المجامع فيما دون الفرج، والمستقيء عمدا، أقل من مأثم المجامع في الفرج، فكان بمنزلة الجماع فيما دون الفرج في امتناع وجوب الحد به.

وكفارة شهر رمضان مشبهة للحد في باب تعلقها جميعا بالمأثم، واستحقاقها على جهة العقوبة.

وأيضا: فإن من يوجبها بالجماع فيما دون الفرج، فإنما يوجبها قياسا على الجماع في الفرج، ولا يجوز عندنا إثبات الكفارات بالقياس.

فإن قيل: فأنتم توجبونها بالأكل والشرب قياسا.

قيل له: ليس كذلك؛ لأنا إنما أثبتنا المعنى باتفاق الجميع على أن وجوبها غير مقصور على الجماع الذي ورد فيه الأثر، وأن هناك معنى مرادا بالخبر، به تعلق الحكم، غير ما ورد الأثر فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015