ولا يجب حمل الخبرين على معنى واحد، بل نحمل كل واحد منهما على فائدة مجددة غير فائدة الآخر، فيكون هذا أولى من الاقتصر بها كلها على فائدة واحدة، إذ لم يثبت أن راوي الخبرين واحد، وأنهما خبر واحد.
ويدل على صحة قولنا: اتفاق الجميع من فقهاء الأمصار على أن وجوب الكفارة غير مقصور على الجماع الذي ورد به الأثر؛ لأن مالك بن أنس يوجبها على كل مفطر غير معذور، والشافعي يوجبها بالإيلاج في إحدى السبيلين من الرجل والمرأة، ومن البهيمة أيضا، وهذا لم يرد فيه أثر.
وأصحابنا يوجبونها بحصول إفساد صوم شهر رمضان بضرب من المأثم، فحصل من اتفاق الجميع: أن هناك معنى به تعلق وجوب الكفارة، غير ما ورد به الأثر الذي ذكر فيه الجماع، فاحتجنا أن ننظر أي هذه المعاني أولى بالاعتبار في إيجاب الكفارة به، فقلنا: لما كانت هذه الكفارة مستحقة بالمأثم، اعتبرنا المأثم الذي استحقه بالجماع، فوجدنا مثله في الأكل والشرب، فوجب أن يكون عليه فيهما من الكفارة مثل ما في الجماع.
والدليل على أن مأثم الأكل مثل مأثم الجماع: أنه ينتهك من حرمة