وكذلك عندنا في صوم شهر رمضان الذي يحتاج إليه منه وجود نية الصوم فحسب، فوجب أن تكون نية مبتدأة في بعض النهار قبل الزوال.

وإن شئت نصبت المعنى في التطوع أنه متعلق بالعين ليس في الذمة، وكذلك صوم رمضان متعلق بالعين لا في الذمة، فكان بمنزلة التطوع في جواز ترك النية فيه من الليل.

فإن احتجوا بما روت حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل".

قيل له: هذا محمول على ما كان في الذمة من الصوم، بالدلائل التي قدمنا؛ لأنه متى أمكننا الجمع بين دلائل الأخبار وإثبات فوائدها، لم يجز لنا إسقاط بعضها ببعض، والاقتصار على حكم واحد منها دون سائرها.

وكما لم يمنع هذا الخبر من صحة صيام التطوع بنية يبتدئها في بعض النهار، كذلك لا يمنع صحة صيام شهر رمضان بنية يبتدئها من بعض النهار.

وأيضا يحتمل أن يريد: لا صيام تام كامل إلا أن ينويه من الليل؛ لأنه يستحق عليه كمال ثواب الصوم إذا تقدمت له النية من الليل، وإذا نوى في بعض النهار: لم يستحق الثواب على ما تقدم من الإمساك في آخر النهار قبل نية الصوم.

* وإنما شرط أصحابنا وجود النية قبل الزوال، ولم يعتبروا وجودها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015