كانت الثانية مثلها، أثبتناها في الثانية، ولم ثبتها فيما عداها، كما اقتضاه ظاهر الآية من جواز الصلاة بها.
وأيضا: لو كانت القراءة واجبة في الأخريين، كوجوبها في الأوليين، لما اختلف موضوعها في الجهر والإخفاء في الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، ألا ترى أن صلاة الفجر لما وجبت القراءة فيها كلها، جهر بها في الركعتين جميعا، وكذلك الأوليان من المغرب والعشاء.
وأيضا: لما أخفيت القراءة فيها مع كون الصلاة مجهورا فيها بالقراءة، أشبهت القراءة فيها التشهد، وثناء الافتتاح، وسائر الأذكار المسنونة التي ليست بفرض.
وأيضا: قد اختلف موضوع القراءة في الأوليين والأخريين في قراءة فاتحة الكتاب وسورة، أو وحدها، ولو كانت واجبة في الجميع، لما اختلف موضوعها من هذا الوجه.
ألا ترى أن القراءة لما كانت واجبة في جميع ركعات التطوع، والوتر، وصلاة الفجر، لم يختلف موضوعها في قراءتها بفاتحة الكتاب وسورة.
فإن قيل: قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي حين علمه الصلاة، وذكر فيه الصلاة ثم قال: "ثم افعل ذلك في صلاتك كلها".
قيل له: معلوم أنه لم يرد فعل القراءة في كل أفعال الصلاة، وإنما أراد في بعضها، وذلك البعض ما بينه بقوله بدءا: "اقرأ ما تيسر".