خلاف بينهم في هذه المعاني، فدل على أن حكم فعل المكره المأمور متعلق بالمكره.
ألا ترى أنه إذا أظهر الكفر على وجه الإكراه: لم يتعلق حكمه بالمكره، لوقوعه على وجه الإكراه، كذلك سائر الأفعال التي يختلف فيها حكم العمد والسهو.
ومن الدليل على ذلك: اتفاق الجميع على أن للمكره والمأمور بقتله أن يجتمعا على قتل المكره، كما لو قصده بالسيف ليقتله: كان لكل واحد أن يقتله، فدل على أن حكم فعله متعلق به، وراجع إليه، ومن أجله أباح دمه بإكراهه، كما يبيحه بحمله عليه بالسيف، فصار المكره في هذا الوجه كالآلة له في قتله، كأنه قد شد السيف على يده؛ ثم أخذ يده، فضرب المقتول به، فيكون القصاص عليه، دون المكره.
فإن قيل: يلزمكم على هذا الاعتلال إبطال عتق المكره، وطلاقه؛ لأن حكم فعله منتقل إلى المكره، فكان المكره هو المعتق والمطلق.
قيل له: لا يجب ذلك؛ لأنا قد قيدنا العلة بدءا يما يسقط هذا السؤال، وهو أن ذلك مما يختلف فيه حكم السهو والعمد، والعتق ونظائره مما يستوي فيه حكم السهو والعمد، ففارق ما وصفنا بالدلائل الموجبة لذلك.
فإن قيل: فهلا جعلت المكره كالفاعل لسبب القتل من غير مباشرة، مثل حافر البئر في الطريق، والشهود إذا شهدوا بما يوجب القصاص، ثم رجعوا.
قيل له: لو كان كذلك، كان لا يجوز استباحة دمه بإكراهه، فلما جاز استباحة دمه بالإكراه، دل على أنه في معنى فاعل القتل مباشرة، ألا ترى