[ما يرخص للقاضي من التصرفات في مال المفقود، والقضاء على الغائب]
قال أبو جعفر: (وينفق القاضي على من تجب له النفقة من مال المفقود، من ودائعه وديونه اللاتي يقر بها من هي عنده، ومن هي عليه، فأما ما كان من ذلك لا يقر به من هو عنده أو عليه، فإن القاضي لا يسمع من بينته، ولا خصومة بينه وبين من عنده ذلك).
قال أحمد: لا يفرض عليه في الوديعة والدين، إلا أن يعترف الذي عنده ذلك بالمال للمفقود، وبالسبب الذي به يستحق المفروض له ذلك، من نكاح، أو نسب، فإن جحد أحدهما: لم يكن بينهما خصومة، وذلك لأنه إن جحد المال، فالمدعي للنفقة يريد إثبات الملك للغائب، وليس هو بوكيل له، ولا خصم عنه، فلا يلتفت إلى دعواه.
وإن أقر بالمال، أو جحد السبب الذي به يستحق ذلك، من نكاح، أو نسب، فليس هذا المدعى عليه خصما في إثبات نسب الغائب، ولا في إثبات النكاح بينها وبينه، والبينات لا تسمع إلا على خصم حاضر؛ لأن القضاء على الغائب لا يجوز عندنا، لما روى حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن حنش بن المعتمر عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن: "لا تقض لأحد الخصمين حتى نسمع من الآخر".