لأنها تبرع بمنزلة القرض، وقرضه لا يجوز لهذه العلة.
وقالوا: إن أجاز المولى تصرفه على هذه الوجوه، لم يجز أيضا، لأنه لا ملك له فيه، كما أن الغرماء لو أجازوا عتق الوارث وهبته لمال الميت، لم يجز بإجازته.
مسألة: [حصول العتق للمكاتبين مكاتبة واحدة بأداء واحد منهما]
قال أبو جعفر: (ومن كاتب عبدين له على ألف درهم مكاتبة واحدة، إن أديا عتقا، وإن عجزا ردا في الرق: كانا بذلك مكاتبين جميعا، وللمولى أن يأخذ كل واحد منهما بالمكاتبة كلها، فأيهما أداها: عتق، وعتق صاحبه، وكان له أن يرجع على صاحبه بحصته منها).
وذلك لأن هذه لما كانت كتابة واحدة، تعلق عتقهما بأداء جميعها، فصار جميع المال على كل واحد منهما؛ لأنه لا يستحق العتق إلا بأداء جميعه، فصار كل واحد منهما ضامنا عن صاحبه.
وإنما جاز الضمان في ذلك على هذا الوجه؛ لأن عتقه مستحق بأداء جميع الكتابة، فكان جميع الكتابة عليه، وشرط معه عتق الآخر.
ولو كاتبه وحده على جميع المال: جاز، فلا يبطله شرط عتق الآخر معه، وإنما صار في معنى من كوتب على جميع المال، لأن عتقه معلق بأدائه.
وليس هذا بمنزلة ضمان المكاتب مالا ليس عليه عن غيره: فلا يجوز؛ لأن الكفالة تبرع، والمكاتب لا يملك ذلك، ولا يتعلق بكفالته عن غيره