وذلك لأن الذي كاتب عاقد على نصيب نفسه، ووكيل للشريك في العقد على نصيبه، والوكيل في الكتابة لا يستحق القبض بعقد الكتابة، وشرط الكتابة حصول العتق بأدائها إلى مستحقها، ولم يحصل ذلك، فلم يعتق حتى يقبض الآخر نصيبه منها.
مسألة: [حكم ما يعتقه المكاتب من عبيده وسائر تبرعاته]
قال أبو جعفر: (ولا يجوز عتق المكاتب لعبده، ولا هبته شيئا من ماله، عتق أو لم يعتق).
وذلك لأن مال المكاتب موقوف، ولا ينعقد العتق إلا في ملك صحيح، فلا يجوز عتقه ولا هبته، لأن الهبة تبرع، ولا يجوز تبرع الإنسان في غير ملكه.
وأيضا: فإن عقد الكتابة إنما تضمن جواز تصرف المكاتب فيما يعينه على أداء الكتابة، والعتق والهبة ليس فيهما ذلك، بل فيهما ضرر عليه، ومنع من الأداء.
وأيضا: فإن حق المولى هو المانع من وقوع ملك المكاتب في ماله، فصار من هذا الوجه كالوارث إذا كان على الميت دين يحيط بماله، فيمنع حق الغرماء من وقوع ملكه في مال الميت، فكما لم يجز عتق الوارث وهبته، لأجل حق الغرماء المانع من وقوع ملكه، وجب أن لا يجوز عتق المكاتب وهبته، لوجود هذه العلة.
قال أحمد: وكذلك قالوا في كفالته بمال ليس عليه، إنها غير جائزة،