فإن قيل: هذا في الأحرار.
قيل له: بل هو في الأحرار والمكاتبين إذا تركوا وفاء؛ لعموم اللفظ إلا ما قام بدليله.
وأيضا: فلم نجد دينا يبطله الموت، فوجب أن لا تبطل الكتابة بالموت.
فإن قيل: فأنت تبطله إذا مات عاجزا.
قيل له: ليس الموت يبطله، وإنما يبطله العجز.
وأيضا: لما كان عتق المكاتب مضمنا بأداء الدين، أشبه استحقاق الميراث الذي صحته مضمنة بأداء الدين الذي على الميت، فلو مات رجل، وترك دينا عليه يحيط بماله، لمنع ذلك الورثة من ملك ماله.
ولو أبرأ الغريم من الدين، فسقط حقه: ملك الورثة المال بالموت.
ولو كان بعضهم قد مات قبل إبراء الغريم: ورث عنه نصيبه ورثته، فكذلك المكاتب، لما مات وعتقه مضمن بأداء المال، وجب أن يكون حكمه موقوفا على الأداء على ما وصفنا.
وأيضا: لما اتفق الجميع على أن موت المولى لا يبطل الكتابة، لأجل إمكان الأداء بوجود المال، وجب أن يكون ذلك حكمه بعد موت المكاتب، لوجود المال الذي يصح به الأداء، ولم يمتنع أن يحصل في الحكم معتقا بعد الموت، كما جاز أن يصير المولى معتقا بعد الموت.
فإن قيل: إنما جاز أن يكون المولى معتقا بعد الموت بأداء المكاتب؛ لأن الميت يجوز أن يلحقه حكم عتق يبتدأ بعد موته، بأن يوصي بعتق عبده، فيبتدأ عتقه، ويلحق الميت ولاؤه، ولما لم يصح إيقاع عتق على ميت بعد موته، لم يجز أن يلحقه حكم العتاق بوجه بعد موته.