الكتابة يتناول الحال والمؤجل، كالبيع والنكاح وسائر العقود، إذ ليس في اللفظ ما يقتضي التأجيل، إلا أن يقول قائل: إن لفظ الكتابة يختص بالأجل، وأن هذا العقد لا يسمى كتابة إلا أن يكون مؤجلا، فيكون متحكما قائلا بما لا يمكنه إقامة الدليل عليه من جهة لغة، ولا شرع، ولا يقدر خصمه أن يقابله بمثله، فيقول: والبيع يختص بالأجل، وكذلك النكاح، وسائر عقود المداينات، أو يقول له: بل لفظ الكتابة يختص بالحال، دون المؤجل، وأنه متى كان مؤجلا لم يسم كتابة، فيقوم مقامه في الدعوى، ولا يمكنه الانفصال منه بمعنى يوجب أن يكون أولى به منه.
ويدل عليه أيضا: ما حدثنا ابن قانع قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا همام عن العبد الحوري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإيما عبد كوتب على مائة دينار، فأداها إلا عشرة دنانير: فهو عبد، وأيما عبد كوتب على مائة أوقية، فأداها إلا عشرة أوراق: فهو عبد".
فهذا الحديث يدل على معنيين: على الكتابة الحالة، وعلى أن الإيتاء غير واجب على المولى.
وأيضا: فلما كان عقد الكتابة يتناول رقبة العبد بمال يثبت في ذمته