لأن عقد الآخر لما لم يكن له تاريخ، وجب الحكم به في الحال، لا لوقت متقدم، إذ ليس شيء من الأوقات المتقدمة بأولى أن يحكم به فيه من وقت غيره، فصارا في هذا الوجه كأنهما وقتًا وقتين، أحدهما قبل الآخر، فيكون صاحب الوقت الأول أولى.

مسألة: [إذا تنازع شخصان على ثوب منسوج وأقاما بينة بذلك]

قال أبو جعفر: (من ادعى ثوبًا في يدي رجل أنه له، وأنه نسجه، وأقام عليه البينة، وأقام الذي هو في يديه البينة على مثل ذلك، فإن كان مما لا ينسج إلا مرة واحدة: فالذي في يديه أولى به، وإن كان مما ينسج مرتين كالخز والشعر: فالخارج أولى).

قال أحمد: قد ثبت عندنا أصلان.

أحدهما: أن يقيم الذي هو في يديه، والخارج جميعًا البينة على ملك مطلق: فيكون الخارج أولى؛ لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وحكمه بأن "البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه".

فكان ما يجوز حدوثه في العين مرة بعد أخرى، مثل نسج الثوب الخز والشعر، فهو بمنزلة الملك المطلق؛ لأن الملك مما يجوز حدوثه مرة بعد أخرى، فكان الخارج أولى.

والأصل الآخر: ما لا يكون حدوثه في العين إلا مرة واحدة، وهو النتاج، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم به للذي هو في يديه، فقلنا: كل ما كان في معنى النتاج، متى قامت عليه البينة: فصاحب اليد أولى به؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015