أولى، كذلك إذا افترقت البينتان؛ لأن كل بينتين لو اجتمعا: كانت إحداهما أولى، كذلك إذا افترقا؛ لأن هذه البينة قد صارت أولى بالاستحقاق بها مع حضور الأخرى، فتأخرها عنها لا يمنع ما قد ثبت من حكمها في كونها أولى.
وإنما لم تقبل بينة أحدهما بعد ذلك على الآخر؛ لأن كل واحد منهما قد صار مستحقًا عليه لصاحبه، والدليل على ذلك: أن بينة كل واحد منهما، قد كانت توجب له استحقاق الجميع لولا بينة الآخر، فصار الآخر مستحقًا عليه النصف الذي كان يستحق لولاه، فكان في هذا النصف بمنزلة الذي في يده إذا استحق عليه، فلا يلتفت بعد ذلك إلى بينته.
مسألة: [إقامة المدعيين البينة على الدار وإحداهما أسبق زمنًا تملكًا]
قال أبو جعفر: (ولو كان المدعيان أقام أحدهما البينة أنها له منذ سنة، وأقام الآخر البنية أنها له منذ سنتين: قضى بها لصاحب السنتين).
قال أحمد: وذلك لأن صاحب السنتين قد أقام البينة أنه لا يستحق في السنتين إلا من جهته، فأشبه صاحب النتاج إذا أقام البينة أنه لا يستحق ملكه بعد الولادة إلا من جهته، فيحتاج حينئذ مدعي الملك منذ سنة أنه استحق في السنتين من جهته.
* قال أحمد: ولو أقام كل واحد منهما البينة أنه له منذ سنة: قضى به بينهما نصفين؛ لأنهما قد تساويا في الوقت، فسقط حكمه، وصارا كأنهما أقاما البينة على ملك غير مؤقت، ولذلك قالوا: إن الخارج والذي في يده لو أقاما البينة على وقت واحد: كان الخارج أولى؛ لأنهما لما تساويا في