وقوله: "البينة": اسم يتناول الجنس، فلا يبقى شيء من الجنس إلا وقد انتظمه اللفظ، فلا يبقى هناك بينة تكون على المدعى عليه الذي الشيء في يده.
وكذلك لما قال: "اليمين على المدعى عليه": نفى به إيجاب يمين على المدعي؛ لاشتماله على جنس اليمين.
وليس يمتنع أن يقال: إن قوله: "البينة على المدعي": لا يتناول غير الخارج، وأنه لا يدخل تحته قط الذي الشيء في يده؛ لأن المدعي يقتضي مدعى عليه، والخارج معلوم أنه ليس بمدعى عليه، بدلالة أن الذي الشيء في يده لو رفعه إلى القاضي، وقال: أنا أدعي الدار التي في يدي لنفسي، وهو ينكر، فاقبل بينتي عليه: لم يلتفت له.
فصح أن الذي في يده ليس بمذاع، إذ كان إطلاقه لفظ المدعي يقتضي مدعى عليه، فلما لم يكن الخارج مدعى عليه، لم يكن الذي الشيء في يده مدعيًا.
فإذا قوله: "البينة على المدعي": إنما يتناول الخارج دون الذي في يديه، واستغرق سائر البينات بإيجابها عليه، فلم يبق هناك بينة تكون على المدعى عليه.
وأيضًا: من الدليل على أن الذي في يديه الشيء لا حكم لبينته على الملك المطلق: أنه لو جاء فأقام البينة على الخارج، ورام من القاضي الحكم ببينته، لأنه يجحده: لم يلتفت إلى بينته، وأن المدعي لو جاء بالبينة، قبلت بينته؛ فدل على أن المخصوص بقبول البينة هو الخارج،