لأنه مما يصح بذله من جهة الحكم على ما بينا، إلا أنه ترك القياس فيه، فلم يأخذه بالنكول؛ استعظامًا لأمر الدم، ولأنه قد خولف به سبيل سائر الحقوق في استعظام أمرها.
ألا ترى أنه تجب القسامة إذا وجد قتيل في محلة، ولا يجب مثله في سائر الأشياء، وأن العشرة يقتلون بالواحد، ولا قطع يدان بيد، ولا يلزم متلف المال أكثر مما أتلف، فاستحسن ألا يأخذ النفس بالنكول.
وأيضًا: فإن اليمين في النفس قد يجوز أن تكون حقًا بنفسها، ألا ترى أن أهل المحلة إذا أبوا أن يحلفوا: حبسوا، هذا مع لزوم الدية، فلما جاز أن تكون اليمين حقًا للمدعي منفردًا عن الدية حتى يجبروا عليها، جعل اليمين في هذا الموضع كالحق المدعى في باب حبس المدعى عليه بها.
وأيضًا: فإن الحبس قد يجب في الأصول للتهمة، وقد روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده "أن النبي عليه الصلاة والسلام حبس رجلًا في تهمة"، ونكوله عن اليمين يوجب تهمة، فيحبسه بها.
ألا ترى أن أبا حنيفة يقول في البينة إذا قامت بقود أو حد: إنه يحبس المدعى عليه، حتى يسأل عن الشهود، ولا يكلفه الحبس في هذا الموضع: سديد على أصله، وليس كذلك سائر الحقوق، لما وصفنا، لأن