فتيمموا}: مقتضاه وظاهره: امتناع جواز التيمم مع وجود جزء من الماء، لأن قوله: ماء: لفظ منكر، ويتناول أجزاء منه، قليلًا كان أو كثيرًا، مخالطًا كان لغيره أو منفردًا، فلما كان نبيذ التمر ماء إذ لا يمتنع أحد أن يقول: فيه ماء: امتنع جواز التيمم بالطاهر، مع وجود نبيذ التمر.
وأيضًا: فإن استعمال الخبر مع الآية جار على الأصل الذي ذكرنا، من امتناع جواز الاعتراض بأخبار الآحاد على ظاهر الآية إلا بأحد وجهي التخصيص، وهو تخصيص الاسم، أو تخصيص الحال، وخبرنا من القبيل الثاني؛ لأنه خص ذلك بحال دون حال، وهو حال عدم الماء والنبيذ جميعًا، فليس في استعمال خبر نبيذ التمر ما يوجب نسخ حكم الآية.
فإن قيل: فقد قبلتم شهادة القابلة وحدها في الولادة، وشهادة المرأة الواحدة فيما لا يطلع عليه الرجال، وحكمتم بالنكول، وإقرار المدعى عليه، ولم تكونوا به مخالفين للآية، فلم تنكروا مثله في الشاهدة واليمين؟
قيل له: هذا كلام من لم يفهم ما قدمنا، وذلك لأن الآية إنما وردت في شأن المداينة، فكلف المدعي تصحيح دعواه بما ذكر من عدد الشهود، فقلنا لا يجوز أن يستحق المدعي بينة يقيمها إلا على الشرط المذكور في الآية.
فأما الولادة، فحكمها موقوف على الدلالة، إذ لم نجد لها في الآية ذكرًا.
وأما الاستحقاق بإقرار المدعى عليه، والنكول: فليس مما نحن فيه من شيء، من قبل أن الآية إنما أفادت أن الاستحقاق من جهة المدعي ببينة يقيمها: هو ما كان بالوصف المذكور فيها، فأما ثبوت الحق من جهة