وأيضًا: فإن علمه قبل القضاء، كان شهادة، فلا يجوز أن يجعله حكمًا، وذلك أنه قبل ولايته القضاء، لم يكن لعلمه حكم، إلا مع شاهد آخر يشهد به عند حاكم، فيمضيه، فلا يجوز له أن يجعل قوله ذلك حكمًا، فينفذه بعد أن لم يكن ينفذ به وحده، وكان لا ينفذ حتى ينفذه غيره؛ لأنه يصير حينئذ بمنزلة من قضى لنفسه.

ألا ترى أن أصحابنا جميعًا يقولون: إن محدودًا في قذف، لو ولي القضاء، فقضى بقضية، ثم ولي غيره ممن لا يرى قبول شهادة المحدود في قذف، أنه لا يجوز قضاؤه فيما لم يكن من رأيه، لأنه بفعل نفسه أجاز قضيته، وهو ليس من أهل القضاء، ولو رفع قضاؤه إلى من يرى جواز شهادة المحدود في القذف، فأجازه: لم يكن لأحد من القضاة بعد ذلك فسخه.

* وقال أبو يوسف ومحمد: علمه قبل القضاء، وبعد القضاء: سواء، يجوز له أن يقضي به.

قال أحمد: وقول محمد مرجوع عنه، على ما حكاه ابن سماعة من أن قوله الآخر: إن القاضي لا يقضي بعلمه في شيء، سواء علمه قبل القضاء، أو بعده.

مسألة: [من لا يحكم بشهادته للتهمة]

قال أبو جعفر: (ولا يحكم بشهادة خصم، ولا جار إلى نفسه، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015