آكد من قول الواحد الذي لا يقبل إلا من طريق الخبر، ولا يثبت به حكم.
فإن قيل: فهلًا مثله في الخبرين المتضادين، إذا رويا عن النبي عليه الصلاة والسلام، أن أحد الخبرين إذ رواه اثنان، والخبر الآخر رواه واحد، أن خبر الاثنين أولى بالقبول، كما قلت في خبر الجرح والتعديل.
قيل له: الفصل بينهما: أن الخبرين المتضادين إذا وردا، وجب عرضهما على الأصول، فما شهدت له الأصول منهما، فهو أولى بالاستعمال، لأنا متى خلونا من أخبار الآحاد، كان لنا أصول نرد إليها حكم الحادثة من طريق الاجتهاد، فإذا ورد خبر عار مما يرده: كان عندنا مقدمًا على النظر.
فإذا ورد خبران متضادان، وروى أحدهما اثنان، والآخر واحد: فلا يخلو النظر حينئذ من أن يكون شاهدًا بخبر الاثنين، أو مع الواحد، فيكون الذي معه النظر أولى بالقبول؛ لأن شهادة الأصول آكد من انضمام مخبر آخر بخبر مثل خبره، إذ كان انضمامه إليه لا يوجب وقوع العلم بصحة مخبره، وهذا المعنى معدوم في الجرح والتعديل، إذ ليس هناك أصل يفزع إليه غير الخبر، فإذا صار لأحدهما ضرب من الرجحان: كان أولى.