مسألة: [حكم التكفير قبل الحنث]

قال أبو جعفر: (ومن كفر عن يمينه قبل حنثه فيها: لم يجزه ذلك، وكان عليه أن يكفر عنها إذا حنث فيها).

والدليل على ذلك: قول الله تعالى: {ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم}، وحفظها مراعاتها لأداء كفاراتها عند الحنث، لا معنى لحفظ اليمين غير ذلك، وفي جواز أداء الكفارة قبل الحنث إسقاط حفظ اليمين مع بقائها، لأن الحفظ إنما هو لأداء الكفارة وقت الحنث.

فإن قيل: معنى قوله: {واحفظوا أيمانكم}: أقلُّوا من الأيمان.

قيل له: ليس في اللغة، ولا في الشرع دليلٌ على ما ادعيت، فهو ساقط، وقد بينا ذلك فيما تقدم.

وأيضًا: فإن الفرض لا يقع موقعه إلا بحضور وقته، أو وجود سببه.

والدليل عليه: امتناع جواز أداء الظهر قبل الوقت، وأداء الكفارة قبل اليمين، وكفارة القتل قبل الجراحة، كل ذلك لعدم حضور وقت الفرض، أو وجود سببه، وذلك معدومٌ في الكفارة قبل الحنث، فلم يجز.

فإن قيل: اليمين سبب لجواز أدائها، كالنصاب سبب لجواز أداء الزكاة قبل الحول، وجراحة الصيد سبب لجواز أداء جزائه، وجراحة الرجل خطأ سبب لجواز أداء كفارة قتله، والمعنى في جميع ذلك: أنه لا تلزم هذه الحقوق مع وجوب ما وجب عنده إلا بتقدم السبب الآخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015