اليمين على أن يفعل بعد الحنث، ونفس الحنث لا يوجب وقوعه بمضمون اللفظ، وأما قوله: هو كافر إن فعل كذا: فإن مضمون اللفظ حصوله كافرًا إن فعل كذا، كقوله: عبدي حرٌّ إن فعلت كذا، وكذلك قوله: والله لا أفعل كذا، ومعناه ومضمونه: أنه إن فعل فهو غير معظم لاسم الله الذي حلف به حق تعظيمه، ويكون حصول هذا المعنى معلقًا بوجود الحنث على ما تضمنه لفظه.
وأيضًا: فإن أكل الميتة مما لا يجوز استباحته بحال، وقد شرطنا فيما ذكرنا أنه ضرب من التعظيم لله، لا تجوز استباحة ضده بحال.
فإن قيل: فينبغي أن يكون لو حلف بالنبي عليه الصلاة والسلام كان حالفًا، تلزمه الكفارة بالحنث فيها؛ لأنه لا يجوز استباحة ترك تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم.
قيل له: لم تكن علتنا فيما وصفنا أنه لا يجوز استباحة ترك تعظيم الله تعالى، دون ما وصفنا من أنَّ الحلف ضرب من تعظيم الله، لا يستحقه غيره تعالى، فمن أجل ذلك تعلق به وجوب الكفارة، والحلف على الكفر هو كذلك، وليس هذا المعنى موجودًا في الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان معظمًا مشرفًا، فليس يستحق هذا الضرب من التعظيم، كما لا يستحق العبادة.
فإن قيل: من أصلكم أنه لا يجوز إثبات الكفارة بالقياس، وهذا الذي ذكرت استعمالُ قياس في إثبات الكفارة.