وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "من حلف فقال: إني بريءٌ من الإسلام، فإن كان كاذبًا: فهو كما قال، وإن كان صادقًا: فلن يرجع إلى الإسلام سالمًا".

فجعله النبي عليه الصلاة والسلام حالفًا بقوله: هو كافر، وهو بريء من الإسلام إن فعل كذا، فانتظمه قوله تعالى: {بما عقدتم الأيمان}.

وجه آخر: وهو أنَّ المعنى الذي من أجله كان الحلف بالله تعالى يمينًا يتعلق به وجوب الكفارة، موجود في قوله: هو بريء من الإسلام إن فعل كذا، وذلك لأن المعنى فيه: أنَّ القسم تعظيمٌ للمقسم به، وهذا الضرب من التعظيم لا يستحقه إلا من استحق العبادة وهو الله تعالى، ولذلك نهى عن الحلف بغير الله؛ لأن أحدًا غير الله تعالى لا يستحق هذا الضرب من التعظيم.

وقوله: هو بريء من الإسلام إن فعل كذا: يمينٌ معقودة على تعظيم الله تعالى أن يكفِّر بالحنث فيها، كما أنَّ قوله: والله لا أفعل: هو تعظيم الله أن يحنث بالحلف باسمه، وهما جميعًا لا يجوز استباحتهما بحال، فلما كان ذلك في معنى الحلف بالله من الوجه الذي وصفنا، وجب أن يتعلق به وجوب الكفارة.

وليس ذلك كقوله: هو يأكل الميتة إن فعل كذا: وذلك لأن هذا عقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015