وذلك لأنها لم تخرج عن ملكه بالإيجاب، ولم يمنع ذلك تصرفه فيها، والدليل على ذلك: "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ساق بدنًا، وقلدها عام الحديبية، فأوجبها بذلك، ثم جعلها عن الإحصار، وأبدلها في العام القابل".
فدل ذلك على أنَّ تعلق الإيجاب بها، لا يمنع جواز تصرفه فيها، ولم يخرجها عن ملكه؛ لأنها لو كانت ممنوعة التصرف، لما جاز أن ينحرها عن الإحصار بعد ما أوجبها تطوعًا.
ويدل عليه أيضًا: ما في حديث البراء أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: "من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله".
وقد تناول هذا اللفظ الذبيحة الموجبة بعينها، وما ابتدأ ذبحها من غير إيجاب، وإذا كانت لحمًا قدَّمه لأهله، فهي في ملكه يجوز له أكلها، وإذا كان كذلك، وجب أن ينتقل إلى ورثته؛ لأن الإيجاب تعلق بها على وجه العبادة، والعبادات يُسقطها الموت، كما نقول جميعًا فيمن وجبت عليه زكاة ماله، فلم يؤدها حتى مات، أنها تسقط بالموت؛ لأن إخراجها وجب على جهة العبادة، ولا يجوز بقاء الحكم عليه بعد الموت.
فإن قيل: لما تعلَّق هذا الحق برقبتها، حتى صار يسري في الولد، كانت بمنزلة التدبير والاستيلاد في الجارية، فيمنع انتقال الملك فيها إلى