وعلى أن دلالة التأخير ظاهرة في هذه الأخبار, لأنه لا يقول: والشمس مرتفعة حية", إلا وقد أخرها، إذ لا يصح أن يقال: صلى في أول الوقت, والشمس حية؛ لأن قوله: "والشمس حية": يدل على مقاربة التأخير إلى حين الاصفرار.
وكان أبو الحسن الكرخي رحمه الله يقول في قوله: "والشمس حية": إنه يعني القرص نفسه, لا الضياء المنفصل منها, قال: وهو حقيقة اللفظ.
قال: ومادام شيء من الضوء فيها باقيًا: فهي حية, وإنما تخرج من أن تكون حية إذا ذهب ضوءها على حسب ما نرى في الصحاري عند الغروب.
وعلى أن دلالة أخبارهم لو كانت ظاهرة على حسب ما ادعوه, لكان خبرنا أولى, لأن فيه أمرًا بالتأخير, وفي خبرهم حكاية فعل النبي صلى الله عليه وسلم, لا أمر فيه, والأمر يقضى على فعل.
وأيضًا: فليس في مجرد الفعل دلالة على الأفضل. إذ قد يفعل الأفضل تارة, ويفعل المباح تارة تعليمًا, ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء الآخرة إلى ثلث الليل", فأخبر بفضيلة التأخير، ولم يفعله في كل حال.
فإن قالوا: في حديث عائشة رضي الله عنها" أن النبي صلى الله عليه