من الصحابة خلافه، فصار إجماعًا لا يسع خلافه.

فإن قيل: قوله: "فأهريقوه" في الحديث الأول: أمرٌ بالاستهلاك، فيدل على حظر الانتفاع به، لأنه لو جاز ذلك: كان مالاً، وقد "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال".

قيل له: ليس في قوله: "فأهريقوه": أمرٌ بالاستهلاك، وإنما فيه منع الأكل، لأنه يجوز أن يهريقه في السراج، فيستصبح به، أو يهريقه على جلد يدبغه به.

فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن الله اليهود، حُرمت عليهم الشحوم، فباعوها، وأكلوا أثمانها".

وهذا يدل على أنَّ ما كان محرَّم الأكل، لا يجوز بيعه.

قيل له: هذا فاسد بإجماع، لأن العبد محرم الأكل، ويجوز بيعه والانتفاع به، وكذلك الكلب والحمار، وإنما هذا عندنا على وجهين:

ما تناوله التحريم بالإطلاق، فسائر وجوه الانتفاع به محرم عندنا، مثل الخمر والخنزير، وهذه كانت سبيل الشحوم، حين حرمت على اليهود.

وأما ما لم يتناوله التحريم على الإطلاق، فليس يمتنع إباحة بعض منافعه دون بعض، على نحو ما ذكرنا من العبد والكلب والحمار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015