كونه آمنًا على نفسه، يبقي الموضع في حكم دار الإسلام على ما كان عليه، وذلك يمنع من انتقاله إلى حكم دار الحرب.
قال أحمد: والذي أظن أنَّ أبا حنيفة إنما قال ذلك على حسب الحال التي كانت في زمانه من جهاد المسلمين أهل الشرك، فامتنع عنده أن تكون دار حرب في وسط دار المسلمين، يرتد أهلها فيبقون ممتنعين دون إحاطة الجيوش بهم من جهة السلطان، ومطوعة الرعية.
فأما لو شاهد ما قد حدث في هذا الزمان، من تقاعد الناس عن الجهاد، وتخاذلهم، وفساد من يتولى أمورهم، وعداوته للإسلام وأهله، واستهانته بأمر الجهاد، وما يجب فيه، لقال في مثل بلد القرمطي بمثل قول أبي يوسف ومحمد، بل في كثير من البلدان التي هذه سبيلها، مما نكره ذكره في هذا الموضع.
مسألة: [حكم ديار المسلمين التي استعادها المسلمون بعد أن ارتدت وصارت دار حرب]
قال أبو جعفر: (وإن افتتح المسلمون ما قد صار من دور أهل الإسلام دار حرب، فجاء أهله قبل أن يقسم: ردَّه عليهم، وعاد على حكمه الأول من الخراج والعشر، وإن جاؤوا بعد ما قُسم: لم يأخذوه إلا بالقيمة، فإذا أخذوه بها، عاد إلى حكمه الأول أيضًا، إلا أن يكون الإمام قد جعل عليه الخراج قبل ذلك، فإنه إن كان ذلك، فإنه لا يزول عنه الخراج بعد ذلك).
قال أحمد: من أصلهم: أنَّ المالك الأول إذا أخذ ما غلب عليه أهل الحرب نحو ملكه المتقدم، أنه يعود إليه على حكم الملك الأول، ويفسخ صك الذي أخذه منه، كأنه لم يكن، وإذا عاد إليه على حكم الملك