دون إحرازها: أن الموضع الذي وطئوه من بلاد العدو، لا يثبت لهم فيه حق وإن غلبوا عليه، ولا يصير من دار الإسلام، وأن جيشا لو لحقهم، لم يكن الأولون أولى بالموضع إذا ظهر على الدار من الآخرين، والمعنى فيه عدم حيازته وإحرازه، فكذلك الأموال، لما كان هذا المعنى موجودا فيها، وجب أن يكون حكمها حكمه.
وكما أن السرية إذا غنمت لا تكون أحق بها من الجيش، دل على أن نفس الأخذ لا يوجب الحق إلا بالحيازة والإحراز، فوجب من أجل ذلك: أن جيشا لو لحقهم قبل إخراجها إلى دار الإسلام: أن يشاركوهم فيها، فإذا صح أن الجيش اللاحق قبل الإخراج يشاركونهم، ثبت أن الحق لم يثبت فيها بنفس الأخذ دون الإحراز.
ألا ترى أن الجيش لو لحقهم بعد إحراز الغنيمة في دارنا: لم يشركوهم فيها، فدل على أن الحق إنما يثبت في الغنيمة بإحرازها في دارنا دون غلبتنا عليها، وأما إذا أحرزوها في دارنا، فقد ثبت الحق، فينتقل حق كل واحد منهم إلى ورثته إذا مات بالدلالة التي وصفنا.
ويدل عليه أيضا: ما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسهم لمن لم يشهد خيبر ممن حضر بعد الفتح إلا لأبي موسى وأصحابه".
لأن الغنائم صارت محوزة بكون الموضع من دار الإسلام؛ لأن خيبر صارت دار إسلام بظهور النبي صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على ثبوت حق الغانمين فيها بالحيازة والإحراز، من أجل ذلك لم يسهم النبي صلى الله عليه وسلم لمن لحق بعد الفتح إلا لنفر مخصوصين.