فالقول بالصلح في فتح مكة منتقض من جميع جوانبه، سوى ما ترده من الأخبار المتواترة.

*فإن قال قائل: إنما دفعنا أن تكون مكة فتحت عنوة بظاهر كتاب الله تعالى في حكم الغنائم، وبدلالة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل مكة حين دخلها.

فأما ظاهر الكتاب: فبقول الله تعالى: {وأعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى} الآية.

فلو كان فتحها عنوة لقسمها بين الغانمين.

وبقوله تعالى: {وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها}.

فأخبر أن ما غلبنا عليه فهو لنا وفي ملكنا، فلما أقر النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة على أرضهم وأموالهم، ولم يقسمها بين الغانمين، ولم يسترق أحدا من أهلها، علمنا أنها فتحت صلحا؛ لأنه لو فتحها عنوة، لما كان يسقط حق الغانمين على استحقوه لقاتلهم، ولما أسقط حق الله تعالى في الخمس عن أرضهم وأموالهم.

*فإنه يقال لهذا القائل: خبرنا عن خبر التواتر إذا ورد من الجهات التي يمتنع فيها التواطؤ والاتفاق هل يوجب العلم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015