وإذا لم يستحق المسلمون ملك رقبة الأرضين، فلا حق لهم في أن تكون موقوفة، دون أن تكون ملكًا لأهلها، لما كان الحق الذي يستحقه المسلمون قائمًا، سواء كانت ملكًا لأهلها، أو كانت موقوفة، فثبت أن الذي فعل عمر في أرض السواد على جهة تبقية ملك أهلها عليها.
فإن قيل: فائدة كونها موقوفة دون أن تكون مملوكة، لفائدة وقوف الأرضين من جهة ملاكها.
قيل له: إنما صح أن تكون أرضو الملاك موقوفة على وجوه القرب، فيمنع ذلك من انتقال الأملاك فيها، من قبل أن وجوب تلك الحقوق كانت من جهة الملاك، وانتقال الملك إلى غيره يمنع نفاذ شرطه، وما أوجبه من الحق فيها، وحق الخراج لم يتعلق بإيجاب آدمي، فيكون حكمه مقصورًا على ملكه، دون ملك غيره، فلا يمنع انتقال الملك فيه من بقاء الحق، كالزكاة والعشر وسائر الحقوق التي تجب لله تعالى في الأموال، فلا يمنع انتقال الملك.
[ثالثًا: إبطال قول المخالفين بأن كراهة شراء السواد دليل الملكية]
وأما كراهة من كره شراء أرض السواد من السلف: فلم يكن ذلك لأنهم يرونها ملكًا لأهلها، لكن لأن الخراج قد يوضع موضع الجزية، فكرهوا أن يدخل المسلم نفسه فيما يلزمه له حكم الفيء.
وأما من زعم منهم أن فعل عمر رضي الله عنه في ذلك لا تقوم به حجة، لمخالفة بعض الصحابة إياه فيه، وذكر في ذلك ما روي عن بلال