ويدل عليه: أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يأخذ من الغانمين الذين كان لهم قسط من ثمرة خيبر العشر، ولا نصف العشر، ولو كانت الأرضون ملكًا لهم، وكانت في يد اليهود على وجه الإجارة أو المزارعة، لما خلا من إيجاب عشر، أو نصف عشر؛ لأن أرض المسلم لا تخلو من ذلك.
وأي الوجهين ثبت مما وصفنا: من ترك النبي عليه الصلاة والسلام قسمة جميع خير، أو قسمة بعضها، فدلالته قائمة على صحة ما وصفنا، من أن غلبة الجيش على الأرض لا توجب نقل ملكها إليهم إلا باختيار الإمام تملكيهم إياها، وأن له إسقاط حقهم عن رقبتها، كما وقف النبي عليه الصلاة والسلام بعض أرض خيبر على نوائبه.
منها: الكتيبة الخمس، ولطعام أزواجه، وطعام رجال سعوا في الصلح بينه وبين أهل فدك وهذه نوائب ثابتة على ما روي في الأخبار.
ومنها: الوطيح والسلالم، على ما بينا فيما تقدم، جعلها النبي عليه الصلاة والسلام محبوسة على وجوه، ولم يقسمها بين المقاتلة.
فإذا جاز أن يوقف بعض الغنيمة، وتصرف غلته في مصالح المسلمين، ويمنع تمليكه من حضر فتحه، دل ذلك على أن المقاتلة لا يستحقون ملك الأرضين إلا باختيار الإمام ذلك لهم، على الوجه الذي وصفناه.
فإن قيل: يجوز أن يكون إلي حبسه النبي عليه الصلاة والسلام من خيبر على نوائبه، وطعام أواجه، كان من الخمس الذي لا حق للمقاتلة فيه.