باقيًا على حكم الحرب حتى لا يكون لدمه قيمة على من قتله.

[محاصرة أهل الحصن وطلبهم النزول على حكم الله]

وأما قوله عليه الصلاة والسلام في حديث بريدة: "وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله: فلا تنزلهم على حكم الله، فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم، ولكن أنزلوهم على حكمكم، ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم": فإن ذلك يحتمل معنيين:

أحدهما: أنهم إذا غابوا عن حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، جوزوا أن يكون الحكم الأول قد نسخ، وحدث آخر خلاف ما علموه، فقال: "لا تنزلوهم على حكم الله"، وهم لا يدرون في ذلك الوقت ما حكم الله تعالى فيهم، أهو الأول، أو حكم حادث غير الأول؟ فلا تقدموا على إنزالهم على حكم الله إلا على بصيرة منكم، ويقين بحكم الله تعالى.

ومن أجل ذلك قال أبو يوسف: إنه جائز لنا أن ننزلهم على حكم الله تعالى؛ لأن حكم الله تعالى قد استقر في الكفار، ولا يجوز ورود النسخ عليه بعد النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا نزلوا على حكم الله تعالى، حكم الإمام فيهم بحكمه فيمن غلبوا عنوة: إن شاء قتلهم، وإن شاء استرقهم، وإن شاء من عليهم، وأقرهم على أرضهم.

والوجه الثاني: انه لما كان في شريعة النبي عليه الصلاة والسلام إباحة الاجتهاد في إدراك أحكام الله تعالى، وكان جائزًا أن يكون حكم الله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015