إرسال من أرسله لا يمنع صحة وصل من وصله.
وعلى أنه لو حصل مرسلاً، كان حكمه ثابتًا؛ لأن المرسل والموصول عندنا سواء فيما يوجبان من الحكم، فقد قطعه النبي صلى الله عليه وسلم بإقراره مرة واحدة.
فإن قيل: إنما قطعه بالشهادة؛ لأنهم قالوا: سرق.
قيل له: ليس كذلك؛ لأنه لو كان كذلك، لاقتصر عليها، ولم يرجع إليه في مسألته وتلقينه الجحود، فلما قال عليه الصلاة والسلام بعد ما قالوا سرق: "ما إخاله سرق"، ولم يقطعه حتى أقر، ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قطعه بإقراره دون الشهادة.
فإن قيل: روى حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلص اعترف اعترافًا، ولم يجد معه المتاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما إخالك سرقت: قال: بلى يا رسول الله، فأعادها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثًا، قال: بلى، فأمر به فقطع".
ففي هذا الحديث أنه لم يقطعه بإقراره مرة واحدة، وهو أقوى إسنادًا من الأول.
قيل له: ليس في الخبر بيان موضع الخلاف بيننا، وذلك لأنه ليس فيه