وأما قوله تعالى: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}: فإن المقصد فيه بعد الطلاق الثلاث، حتى تنكح زوجًا غيره، فالتحريم المذكور فيه مؤقت بالغاية، وبوجودها يرتفع.
وقوله:} فَإِنْ طَلَّقَهَا {: ليس بشرط في رفع التحريم الموجب بالطلاق الثلاث، وإنما هو شرط في جواز نكاحها، ولا يختلف في ذلك الزوج الأول وسائر الناس.
فأما ما تعلق من التحريم بالغاية، فقد ارتفع بوجودها، فلا فرق في هذا الوجه بينه وبين ما ذكرنا من قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ}، إذا قرئ بالتخفيف، في أن انقطاع الدم يبيح الوطء
وإنما قلنا فيمن كان أيامها دون العشر: إن لزوجها وطأها بعد مضي وقت صلاة، من قبل أن من أصلنا: أن فرض الصلاة يتعلق لزومه بآخر الوقت، فإذا لزمها فرض الصلاة: استحال بقاء حكم الحيض معه، إذ كان بقاء حكم الحيض ينافي لزوم الصلاة، وفي لزومها الصلاة: ما ينافي بقاء حكم الحيض، فصارت حينئذ بمنزلة امرأة جنب، فلا يكون وجوب الاغتسال عليها مانعًا زوجها من الوطء.
فإن قال قائل: ليس في لزومها فرض الصلاة ما يبيح وطأها، وإن لم يلزم ذلك إلا منافيًا لحكم الحيض، وذلك لأن لزوم الغسل ينافي بقاء حكم الحيض قبل خروج وقت الصلاة، ولم يوجب ذلك إباحة وطئها لزوجها.