العموم فقط، وجب أن يكون لذلك فائدة، وهو أن لا تقبل بعد التوبة، ولولا ذلك كان وجود ذكر التأبيد وعدمه سواء.

ووجه آخر: وهو أن الآية مشتملة على معنيين: تسميته بالفسق، وبطلان شهادته جميعًا، ومعلوم أن لزوم سمة الفسق إياه، يمنع قبول شهادته، فلم يكن لذكره بطلان الشهادة وجه مع ذلك، إلا ليبين أنها لا تقبل أبدًا، وأن بطلانها ليس من جهة بطلانها بالفسق، فترفعه التوبة، كما ترفع بطلان الشهادة إذا كان من طريق الفسق.

ولو قبلنا شهادته بعد التوبة، لأخلينا قوله تعالى:} ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا {: من فائدة، وجعلنا وجوده وعدمه سواء، وذلك ما لا يجوز أن تحمل عليه معاني كتاب الله عز وجل.

فإن قال قائل: لو لم يكن في نسق الخطاب استثناء التائب، لكان القول ما قلت، لكنه قال:} إلا الذين تابوا {، فوجب أن يرجع الاستثناء إلى جميع الكلام إلا ما قام دليله.

قيل له: الجواب عن هذا من وجوه:

أحدها: أن حكم الاستثناء أن يرجع إلى ما يليه، ولا يرجع إلى ما تقدم إلا بدلالة، لأن الاستثناء تخصيص بعض ما انتظمه اللفظ، فحكمه أن يكون مقصورًا على ما يتقرر رجوعه إليه، ولا يخص به ما تقدم بالاحتمال، لامتناع تخصيص العموم بالاحتمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015