ناس دماء قومٍ وأموالهم، لكن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه".

وفي هذا الخبر ضروب من الدلائل على صحة ما قلنا:

أحدهما: أنه منع أن يعطي أحد بدعواه شيئًا، ويمينه دعواه؛ لأن اليمين لا تخرج خبره المحلوف عليه من أن يكون دعوى، فالمستحق بيمينه مستحق بدعواه.

والثاني: أن دعواه قوله، ويمينه قوله، فمن حيث منع أن يستحق بدعواه، وجب أن يمنع الاستحقاق باليمين، إذ كلاهما قوله.

فإن قال قائل: فقد جاز أن يبرأ المدعى عليه من حق المدعى بيمينه، ولا يبرأ بجحوده دون الحلف عليه، فكذلك المدعي.

قيل له: إنما منع النبي صلي الله عليه وسلم أن يستحق بالدعوى بقوله، فوقفنا عند ذلك، وما عداه: فحكمه موقوف على الدليل.

ولم نقل: إن اليمين لا حكم لها في الأصول حتى يلزمنا ما قلت.

وما قلت من إن المدعى عليه يبرأ من حق المدعي: فهو خطأ، إذ اليمين لا تبرئه من الحق، وإنما تفصل بينهما، وتقطع الخصومة في الحال من غير استحقاق لأحدهما على صاحبه شيئًا، ألا ترى أن المدعى لو جاء بالبينة بعد ذلك: قبلت بينته.

والوجه الثالث من دلالة الخبر: قوله عليه الصلاة والسلام: "البينة على المدعى، واليمين على المدعى عليه"، والأولياء غير مدعى عليهم، فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015