لا محالة، لاستحالة وجود رمي لا يحصل عنه الوقوع، فمتى حصل الوقوع في شخص تلفت به نفسه: صار جانيًا به يوم الرمي، إذ كان موجبه من الوقوع متولدًا من فعله، لأن ما تولد من رميه من فعله.
وأما القطع فليس بموجب للسراية لا محالة، إذ لا يمتنع وجود القطع مع عدم السراية.
مسألة:
قال أبو جعفر: (ولو كان قطع يد العبد عمدًا، فأعتقه مولاه، ثم مات، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف قالا: إن كان المولى هو وارثه، لا وارث له غيره: فله أن يقتل الجاني، وإن كان له وارث غيره يحجبه عن ميراثه، أو يدخل معه في ميراثه: فلا قصاص على الجاني، وعليه أرش اليد للمولى، ولا شيء له غيره).
قال أبو بكر أيده الله: وذلك لأنه لم يكن له وارث غير المولى، فإن الجناية ابتداؤها كان مضمونًا للمولى، وكذلك انتهاؤها؛ لأن المولى هو المستحق في هذه الحال لضمان السراية، فلما كان المستحق لضمان الجناية والسراية جميعًا هو المولى، كان له القصاص في النفس، كأنه مات في ملك المولى قبل أن يعتقه.
فإن قال قائل: السبب الذي به استحق الجناية كان الملك، وقد زال، فينبغي أن يبطل حكم السراية، كما يسقط لو كان وارثه غير المولى.