قال أبو بكر: أما على أصل أبي حنيفة، فهو صحيح، لأنه علق الحكم بالسبب، والسبب وجد وهو مباح الدم، فكأنه قتله وهو مرتد.
وهذا يشهد لأبي حنيفة عليهما في المسألة الأولى، حين علقا الحكم في هذه بالسبب، ولم يعتبرا الوقوع به بحال السبب.
مسألة:
قال أبو جعفر: (ومن رمى عبدًا، فأعتقه مولاه، ثم وقع به السهم، فقتله، ففي قول أبي حنيفة: عليه قيمة لمولاه).
قال أبو بكر أيده الله: وهذا مستمر على ما بينا من أصله، لأنه اعتبر السبب، فكأنه قتله وهو عبد.
(وفي قول محمد: على الرامي لمولى العبد ما بين قيمته مرميًا إلى غير مرمي، ولا شيء له غير ذلك).
وذلك لأنه ذهب إلى أن العبد صار ناقصًا بالرمي في ملك مولاه قبل وقوع السهم به، فوجب على الرامي النقصان، إذ كان النقصان حادثًا من فعله، ثم لما عتق، فوقع به السهم، وكان من أصل محمد اعتبار حال الوقوع: لم يكن عليه بالوقوع شيء؛ لأن ابتداء الرمي كان وهو في ملك المولى، وسقط حكم وقوعه بالعتق.
ألا ترى أنه لو قطع يد عبد، فأعتقه مولاه، ثم مات: أن عليه أرش اليد وما نقصته جنايته إلى أن أعتقه، ولا شيء عليه بعد ذلك؛ لأن العتق يبطل حكم السراية الحادثة بعد ذلك.